للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهَا ثمر تشير إليك منها ... بأشربة وتفن بلا أواني

وأمواه يصل بها حصاها ... صليل الحلي في أيدي الغواني

وقد فتح المسلمون هذه المدينة أيام إبراهيم بن أخمد بن الأغلب وكان عادلاً حازماً في أموره آمن البلاد، وعصف بأهل البغي والفساد. وبني الحصون والمحارس على سواحل البحر حتى كان توقد النار من سبتة فينتهى الخبر إلى الإسكندرية في الليلة الواحدة وذلك لسبع بقين من شعبان سنة تسع وثمانين ومائتين الموافق أول أغشت الرومي سنة اثنتين وتسعمائة. وكان لفتح هذا البلد أسوأ وقع في نفس الأنبرور صاحب القسطنطينية حتى بقي سبعة أيام لا يلبس التاج وقال لا يلبس التاج محزون - ثم مدينة قطانية على ستة أميال من مدينة لياج الواقعة بينها وبين طبرمين وهي مدينة كبيرة على ساحل البحر في سفح جبل النار وتسمي الآن مدينة الفيل لأن فيها طلسما من حجر على صورة فيل كان منصوباً فيما غبر من الأيام علي بناء شاهق ثم نقل ونصب داخل المدينة وبهذه المدينة الأسواق العامرة، والديار الزاهرة، والمساجد والجوامع والفنادق والحمامات - ثم مدينة سرَقوسة شرقى مدينة قطانية على مرحلتين كبيرتين منها. وهي من مشاهير المدن وأعيان البلاد، تضرب إليها أكباد الإبل من كل حاضر وباد، وهي على ساحل البحر والبحر محدق بها من جميع جهاتها وبها مابأ كبر المدن من الأسواق والخانات والمساجد والحمامات والمباني الرائقة، والأفنية الواسعة المونقة، ولها إقليم كبير طوال كله مزارع وجنات وأثمار. وقِد ما كان بها سرير ملك الروم فلما ملك المسلمون بعض الجزيرة نقلت دار الملك إلى مدينة قصريانه إلى أن امتلك المسلمون سائر الجزيرة. وقد فتح المسلمون سرقوسة هذه رابع عشر رمضان سنة أربع وستين ومائتين الموافق عشرين مايه الرومي سنة سبع وسبعين وثمانمائة - ثم مدائن نوطس وشكلة ورغوص وبثيرة وكركِنت وشاقة وملزَر ومرسي على وطرابُنشُ ومدائن أخرى كثيرة وكلها على ساحل البحر كما أسلفنا عدا مدينة رغوص فإن بينها وبين البحر نحواً من اثني عشر ميلاً - أما ميدنة فَصرُيانِه فهي في وسط الجزيرة على سن جبل وهي مدينة أزلية قديمة وقد كان فيها سرير ملك الروم نقل إليها كما أسلفنا بعد أن ملك المسلمون مدينة سرقوسة لحصانّها وقد فتح المسلمون هذه المدينة يوم الخميس منتصف شوال سنة أربع وأربعين ومائتين الموافق سلخ يناير الرومي سنة تسع وخمسين وثمانمائة