الخبيث مرتزقاً أوسع جناباً، وأوطأ رحاباً من بيت سيده لفر منه فراره من المأسدة وكنت قد وكلت بمريم ولدى الأعور. فصرفته في دعوة فتي أنسى أستعين به أحياناً على خلب قلوب العذارى، وصعدت إلى مريم، فدخلت وإن نظرات النساء لمغناطيس يجذب إليه من قلوب الرجال حديداً صلداً. وإن كان ذلك الحديد ليكونن عليها في بعض الأحيان حداً ماضياً، أو نصلاً قاضياً.
ورأيتها عارية الشعر، عاطلة النحر، مجردة المعصم. فقلت ما كان أجمل هذا الليل لو زانته زواهر الجواهر، وما أليق الحلى الذهبية بهذه الترائب البلورية!! أو ما كان قرط الماس أجمل في هذه الأذن منه عالقاً بأذن جارتك مرجانة؟؟ وهو في أذنها السوداء كأنه شرارة طارت من فحمة!! وما بال هذا النحر لا تكسوه لبة ربما فاضت على صدر أسمر فلاحت فيه كما يلوح وضج البرص في الأديم الأسود، وما لهذا المعصم لا يزينه سوار ربما التوي على ذراع مهزول فكأنه مسعر قد التف عليه ثعبان!! وهل استخرج النضار إلا ليلمع على هذه الصدور؟؟ أو التقط الجوهر إلا ليسطع في ضياء الجمال الفضاح؟؟
وتلك رقية ما رقيت بها فتاة فقويت عليها وما دسست في صدر أنثى خدعة هي أسرى فيه من هذه الخدعة. بل لقد كنت أهجس بها في قلب المرأة فتؤثر لو أنها تصبح بغير جيد من أن يكون لها جيد لا تطوقه الحلى والعقود.
فما تلوت تلك السورة على مريم إلا وقد امتعضت وزال عنها ذلك البشر الذي كان منذ برهة يترقرق في أسارير وجهها. وكأنها تقول: إني لي هذه النفائس وهي نعمة قد حرمتها وأباها على الله أن يمتعني بها.
قلت أولاً يغنيك أبوك عن هذا التمني؟!
قالت إن أبي لكالضيف في المنزل، بيد أنه لا يكرم إكرام الضيف. وهذا القيم قد بات يقتر عليه في النفقة. وهو يستقطر من كفه الدرهم بعد الدرهم فإذا ظفر منه بعلبة التبغ حسبها منه غنماً كبيراً ومنة عظمي.
قلت: فخطيبك!! فبكت الفتاة وقالت لقد كان لي خطيب يزورنا أحياناً فيتودد إلي ويلاطفني. فلما تضعضعت حالنا وقعد بنا الدهر هجر الرخاء منزلنا وهجره في يوم واحد. فما سمعنا عنه منذ ذلك اليوم إلا أنه عقد خطبته بالأمس على إحدى قريناتي في المدرسة. ولو أنها