للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خطباؤه ودعاته، تركت اللغة الفرنسية شائعة في أوربا منتشرة في كل فجاجها ذائعة في كل أقطارها، حتى في البلاد التي لها أدبها، والتي تستطيع أن تفخر برجال أعظم من راسين، وأقدر من موليير، وأبدع من ماسيون - بلد دانتي، وأرض سرفانت وموطن ملتون وشكسبير، اختار القوم أذواق باريس وأدبها وآثروا رقة لغة الفرنسيين وبدائع كتابهم.

ولم تخرج ألمانيا في ذلك العصر شيئاً من محاسن الشعر وعقائله، ولا نشرت للناس من آيات الفصاحة البينات ولا من فرائد النثر المترقرقات، ولذلك شاع الأدب الفرنسي في أرضها لا يزاحمه مزاحم ولا يقف في سبيله حائل.

فكان كل شاب ذي مكانة أو يافع رب وجاهة يتعلم اللسان الفرنسي كلاماً وكتابة، أما تعلمه الكلام بلسانه الأصلي والإنشاء بلغته الوطنية، أو تعلمه أدبها، وإن لم يستطع فسهولتها وصحتها، فكان غير مهم.

حتى فردريك غليوم نفسه على خواطر في اللغة السكسونية بالية، وفكر ذاوية، كان يرى لزاماً لأبنائه أن يعرفوا الفرنسية، أما التمكن في الألمانية والتبحر في آدابها فأمر غير ذي بال، ومسألة لا ينظر فيها وليست من اللزوم في شيء.

وأما اللاتينية فكانت ممنوعة محظورة.

وقد كتب الملك أن ابني لن يتعلم اللاتينية، وفوق ذلك فأني لن أحتمل أن يذكر أحد ذلك أمامي.

وقد جسر يوماً أحد الأساتذة على قراءة العجل الذهبي في الأصل اللاتيني مع ولي العهد وباغتهما (فردريك غليوم) فصاح بالمعلم في لهجة الملوك:

ماذا تعمل، أيها الشقي

فأجابه المعلم. ليهدأ ثائر ذي الجلالة فقد كنت أفسر العجل الذهبي لسموه.

فصرخ ملك بروسيا، لأردنك أيها المجرم عجلاً، وارتفعت العصا، وجرى المعلم المسكين هارباً، وكان ذلك آخر عهد فردريك بالعلوم القديمة. ولكنه كان يتبجح في بعض الأحيان فيتشدق ببعض كلم سيشرون وكلامه.

أما حظه من اللغة الطليانية فلم يك بالأكبر الأوفر بل ليصعب عليه أن يقرأ صحيفة من صحف (متاستاسيو).