للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجهود، هو الذي اخترق الأرض فأخرج مكنوناتها، وحكم في المادة فاستلب منها كنوزها، وتسلط على البحار فسادها، ورمي إلى الجو فحلق في القبة الزرقاء طالباً للناس علواً وكمالاً، وقرب الأبعاد فأضاف إلى الوقت أوقاتاً، وضم إلى حياة الناس حياة وحياة، بهذا أنار البصائر، وشد العزائم، وقوى الهمم، فأنهض الأمم وأعلى كلمة التي كان حظها منه وفيراً.

أرجو أن يكون في مظهركم هذا دليل على أننا قطعنا دور التنافر والتفرق وعرفنا الصواب بعد أن حجبته عنا الأوهام زمناً طويلاً، ودخلنا من باب العمل الصحيح النافع، واقتنعنا بأن الضعف وما الضعف إلا الجهل يطمس على القلوب ويجعل القوم يرون حسناً ما ليس بالحسن، يظنون أن التأخر آت من عارض خارجي، وأنهم إذا قعدوا عن التماس وسائل التقدم فالمقصد يجذبهم إلى الوراء، لكنهم متى علموا أن العلة ذاتية، وأن الدواء في اليد، وأن قتل الوقت في الظنة والاتهام مضيعة لما يفيد، وداع جديد من دواعي الضعف والتأخر.

أرجو أن يكون في اجتماعكم هذا دليل على السآمة من هذه الحال بل على الفزع من أخطارها الاجتماعية الكبرى، وعلى أن العلم الذي ينبث فينا أخذ ينقي الضمائر، ويجمع شمل المتفرقين، ويطهر السرائر، ويوحد كفة المتنافرين، وينير البصائر فيهدينا إلى أن التآزر شرط النجاح، وأن يد الله مع الجماعة وأن التباغض مجلبة الشر، والتنابذ يمهد سبيل الذل، وأن في التضاعن تهلكة للناس.

لعل رجائي محقق بإقبالكم على هذا المكان ملتفين حول راية واحدة مع اختلاف العناصر والمعتقدات، ومنبعثين من روح واحد ألف بين قلوبكم جميعاً تعارفتم وجئتم أخواناً فرحين بوجه باسم يحيي موجد هذا الروح وباعثك الشعور - العلم.

سادتي

ماخيم الجهل في أمة إلا أذلها، وما انبلج ضوء العلم بين قوم إلا عزوا أيها العلماء أيها العظماء أيها الشعراء والأدباء قادة الأفكار دعاة الأمة، أربأوا بها فالسبيل واضحة، علموا الأمة، علموا الأمة.