للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أمله ويتصور أنه أضحى فريسة لكل المصائب وإلاكدار ونهباً للأفكار المزعجة وقد يهتم أحياناً بأشياء تافهة وهو في ذلك تام العقل قوي الذاكرة

وإذا أراد الاهتمام بأمر شق ذلك عليه ويجسد كل أمر متعباً شاقاً فهو لا يقوى على العمل ويهمل أشغاله وواجباته الضرورية حتى نفسه ويشكو بأنه مريض بأمراض عصبية نفسانية كالآلام والهذيان والصداع والاحتقان وتضعف لديه الرغبة في الأكل بل قد يرفض الطعام بتاتاً وتغشى لسانه طبقة بيضاء ويصير لعابه لزجاً ونفسه أبخر ويصيبه أمساك شديد ويقل نومه وكذلك وزن جسمه وتدل هيأة وجهه على حزن وهم مستمر وتفقد عيناه لمعتهما ويجف جلده وتظهر فيه الغضون ويصاب غالباً بضعف الدم ويصير تنفسه بطيئاً وربما يشكو من اختناق أو خفقان، وتضعف قواه التناسلية.

وفي الإصابات الشديدة الوطأة التي تعقب الانفعالات النفسانية تكون قوته العقلية منزعجة جد الانزعاج إذ يتوهم المصاب بأنه ارتكب ذنباً لا يغتفر ون الناس لا تنصح له ولا تزجره وأنه سيبدأ عملاً يخالف القوانين والشرائع ويغضب الله العلي العظيم وتراه من ذلك يبكي بكاء مراً.

وفي حالات أخرى يحسب نفسه قد أصبح من العجزة المساكين وأن عيلته لا بد أن تلتجئ إلى ملجأ الفقراء ويتوهم أن لا شيء يسد رمقه.

وتجد بعض المرضى يتصور أنه مصاب بمرض عضال لا شفاء منه أبداً كالسرطان أو أن أمعاءه التصقت ببعضها وانسدت أو أنه فقد أعضاءه التناسلية وربما أنكر وجودها إنكاراً.

ونتيجة جميع هذه التصورات أن المصاب يتوقع من وهمه حلول عواقب وخيمة عليه إذ يظن أنه سيقتل أو يسجن وفي بعض الأحيان ينتحر المريض أو يموت لامتناعه عن الأكل.

ويوجد نوعان من هذا الجنون الشديد الوطأة فالنوع الأول أن المريض يضعف كثيراً ويتخذ شكلاً مخصوصاً في جلوسه ويلبث ساعات طوالاً ساهماً كئيباً ويبدو حزيناً مغموماً وإذا خوطب أظهر خوفاً وجبناً لا سيما إذا تحرك في مقعده وأما النوع الثاني فيكون فيه المريض هائجاً يصرخ ويخطر ويأتي بحركات غريبة ويشد شعر رأسه ولحم وجهه ويعض أظفاره وهو لا يشعر من ذلك بألم وكثيراً ما يلقي بنفسه في الأقذار والأوساخ ويبلغ