للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بكت، فتنزع إلى فتى آخر ترود في عشقه عزاءها، وتطلب في حبه سلوتها، ثم تفقده فلا تني تبحث عن عزاء في غيره حتى يبلغ عشاقها الثلاثين أو يزيدون.

وتعيش بعدهم جريحة قريحة، لا حب ولا رقة ولا جمال ولا غم ولا نفور، فرُب ليلة تلتقي فيها بشاب من الأحداث، له شعر فاحم وعين يطل من بين جفنيها الحب والعطف والحنان، وقلب بعلالات الآمال خفاق، وعلائل الرجاء نبّاض، فتذكر شبيبة لها ضاعت، وآلاماً تكبدت، ولوعة ذاقت، فتفيض عليه من دروس حياتها وعبر شبابها وتنصح له ألا يحب أبداً.

ذلك مثل المرأة التي أخرجنا، هؤلاء خليلاتنا وضجعائنا، ولكن على رسلك، بحسبك أنهن نساء، وفيهن للذة سوانح وللنعيم فيهن فرص.

فإن كان فيك صلابة وكنت حقاً رجلاً فاسمع نصيحتي إليك، ألق بنفسك في غمار العالم، واقذف بها دون خشية في لججه وعواصفه، واتخذ حبائب لك، خليلات وراقصات، وحضريات ومركيزات، وكن ثبتاً ومتحولاً، وفياً وغادراً، حزيناً ومفراحاً، مخدوعاً أو محترماً، واعلم أنه لا يهمك شيء ما أحببنك الساعة التي أنت فيها.

وإن كنت امرأ وسطاً عادياً فرأي لك أن تتمهل في ريبك زماماً حتى يستقر، ولا تعتد بشيء تظنه في عشيقتك.

وإن كنت رجلاً ضعيفاً تنزع إلى إسار المرأة وتنزل على سلطانها وتريد أن تنبت حيث ترى أية قطعة من الأرض. فاجعل لنفسك درعاً يقيك، وحرزاً يحميك، فإنك أن تُترك لطبيعتك الضعيفة الناحلة لن تنمو ولن تذكو ل تعود هشيماً كالإنبات الباطلة فلا زهر ولا ثمر، وتنتقل عصارة حياتك ونخوتها إلى شجرة غريبة، وتغدو أعمالك صفراء كأوراق السرو والصفصاف، لاريَّ لك إلا من دموعك ولا غذاء لك إلا من قلبك.

ولكنك إن كنت ذا طبيعة سامية تهيم في الخيال وتطير تريد تحقيق أحلامك فأقول لك بكل صراحة - الحب غير موجود _.

وهبني قلت لك أحب، أفليس الحب أن تهب الروح والجسم وإن شئت فقل تجعل من مخلوقين اثنين مخلوقاً واحداً، أليس الحب أن تمشي تحت ذُكاء، في الهواء المطلق الساجي، بين السنابل والمراعي، وألاعواد والمرج بجسم ذي أربع أذرع ورأسين وقلبين