للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على دخول الجامعات من نحو سنة ١٨٥٠ ولاقت من الصعوبات في ذلك ما لاقت، لأن مجالس الجامعات كانت تأبى دخول النساء وإذا أجازت دخولهن حرمت عليهن الامتحان ونيل الشهادات. ولكن دأب النساء ومثابرتهن وحميتهن وإقبالهن على العلوم، رفع عن أعين هذه المجالس غشاوة الجمود، ودفع أعضاءها إلى الإقرار بحق المرأة في دخول الجامعة. ومن ذلك العهد كثر خريجات الجامعات في الأدب والفلسفة والعلوم والحرف كالطب وغيره.

والدافع الأكبر لإقبال المرأة على التفوق في العلوم والآداب والصناعات التي قامت تزاحم فيها الرجال اليوم ليس مجرد حب العلم أو الغيرة من الرجل ومزاحمته في صناعاته. بل الحقيقة أن الحالة الاقتصادية في القرن التاسع عشر هي التي نبهت النساء إلى وجوب نزولهن في ميدان أعمال الرجال ومزاحمتهم.

وذلك لأن المرأة كانت إلى ما قبل هذا القرن تصنع بيديها كل المصنوعات التي احتكرتها الآلات في القرن التاسع عشر. فكانت تنسج المنسوجات وتحيك الثياب وتطحن الغلات إلى غير ذلك من الأعمال التي كانت تعملها بيديها وتعيش منها وحرمتها منها الآلات في هذا القرن. فوجدت نفسها على أثر اختراع هذه الآلات وانتشارها خالية اليد لا عمل لها في الدنيا يملأ فراغها ويكسبها مرتزقاً. لأن أصحاب المعامل والآلات يستعملون الرجال في إدارتها وقليلاً ما يستخدمون النساء. فنشأ من هذه الحالة جماعات من النساء عاطلات من كل عمل حاقدات على المجتمع ناقمات عليه نظامه. ومن هنا تجد أن الحركة النسائية اليوم بالغة أشدها في البلاد التي كثرت فيها المعامل مثل انجلترة وأمريكا. ولا تجد لها أثراً ضعيفاً في البلاد الزراعية مثل هولاندة والمجر.

ففي انجلترة تطالب النساء بالمساواة التامة بالرجل في حقوقه وواجباته. يطلبن حق الانتخاب في البرلمان والتوظف في وظائف الحكومة.

وللمرأة حق الانتخاب للمجالس البلدية في انجلترة، وللبرلمان وحق التوظف في الحكومة في السويد والنرويج وفنلاندة. فمنهن الأن عاملات في مصلحة البريد والتلغراف في أكثر الأمم الأوربية، ومنهن قاضيات وطبيبات ومحاميات في الولايات المتحدة وفرنسا.

وبين فئة من نساء أوروبا المتعلمات حركة غريبة متناهية في التطرف. فأنهن لا يكتفين