للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أزمير وأن تنقل أيضاً ما يربو على الثلاثين ألفاً من المهاجرين الآتين من الحدود، وقد كان سواد هؤلاء من الأولاد والعجزة. الذين البستهم هذه الحرب الغشوم برداً سميكاً من الحزن العرم. قدم هؤلاء وهم بين خمصان وعار وبين شاك وحاك لانتهاك عرض أو مقتل زوج أو ثكل بنين أو فقد رؤوم أو ضياع متاع أو ذهاب نعمة وليس بعجيب أن يعجز المرء عن معرفة أعداد أولئك الذين دهبوا طعمة لهذه الحرب بين ميت وقتيل ولكن الدكتور ثابت قدر ذلك بأكثر من مائتي ألف مسلم ذبحوا ذبحاً وقال أن هؤلاء ذهبوا ضحايا التعصب فأما المسيحية وأما السيف والنار والعارفون بتاريخ الحكم التركي في الأربعة القرون الأخيرة لا يعجبون إذا عمد البلغار والصرب بعد أن قاسوا ما قاسوا إلى استئصال مسلمي الرومللي ولو باسم المسيحية والدين:

ومما لا يزال في الآذان صداه ما يقال بأن كثيرين ممن كانوا في اطنه كانوا أعضاء لما يسمى بالعصابة البلغارية وهي قوة غير منتظمة تزحف وراء الجيش ويعزي غليها كثير من الأهوال وانتهاك الحرمات.

والحقيقة التي لا ريب فيها أن هؤلاء النسوة الأيامي والأطفال اليتامى أبرياء لا ذنب لهم ويجب أن يلقوا منا حناناً وعطفاً. ولقد قامت بعثة الهلال الأحمر بعمل جليل إزاء هؤلاء فعاملتهم معاملة البار الرحيم. وأنعشتهم بأنواع الغذاء هم وأولئك الجنود المرضى والمجروحين إذ أمكن الباخرة أن تنقل ١٨٠٠ إلى ٢٠٠ من المهاجرين و٣٠٠ إلى ٥٠٠ جرحى ومرضى من الجنود في نقلة واحدة مما لا حاجة الآن إلى بيان ما كان يبقى من الأوساخ والقاذورات بعد خمسة أيام تستغرقها في كل نقلة كهذه ونقل هذا العدد الجسم - أما في الأحوال المعتادة فيمكن هذه الباخرة حمل ثلثمائة من المرضى إلى خمسمائة من الجنود الجرحى والمرضى بدون ازدحام ولقد كان الدور الأعلى خصيصاً بالرجال وأما النساء والأولاد فكانت في الدور الذي يلي الدور الأعلى ولقد كان بين هؤلاء كثير من المرضى بالجدري والألتهاب الرئوي والروماتزم والتيفوس الطفحي بل كان بين المهاجرين نساء حبالى وضعن أثناء السفر حتى كان أطباء بعثة الهلال الأحمر في شغل دائم يبدأونه باكرين ولا يفرغون من العناء حتى تنقضي ساعات من الليل.

وقد اضطر أطباء بعثة الهلال الأحمر إجراء العيادات اليومية لعدة مئات من الجرحى