للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجدوا فرصة لتحصيل العلم فقد تنبهت على الأقل عقولهم إلى تنوع الأعمال التي كانت تؤدي في المعامل التي كانوا يشتغلون فيها، وكثيرون منهم جلسوا إلى العلماء ودارت بينهم أبحاث ومناقشات أمثال جيمس وات وريني وبرندلي وغيرهم.

ولكن تغير الآن كل شيء، فقد فرقنا بن العامل بديه بحجة تقسيم العمل، وكان نصيب فئات العمال من التعليم نصيب أجدادهم، وأما العلماء فهم مستهينون بالعمل اليدوي على أنهم يعجزون عن عمل آسهل الآلات. وقد بلغ من احتقارهم العمل اليدوي أنهم يقولون أن ليس من المهم أن يفهم العمال حقيقة الآلات التي يشتغلون بها والقوانين التي صنعت بها وأنه يكفي أن العلماء والمهندسين الفنيين هم الذين يعُنَون وحدهم بتقدم العلم والصناعة.

ولا يفوتنا أن نقول أن هناك من العلماء من يخالف هذا الصنف منهم بل فيهم من كانوا وهم في حداثة أعمارهم صناعاً ولكن ساعدتهم الظروف فنالوا قسطاً من علم وحظاً من معرفة فجمعوا بذلك بين العلم والعمل، ولكن للأسف قليل منهم.

وما معنى هذا الصوت العالي الذي نسمعه في انجلترة وفرنسة وألمانية والولايات المتحدة وروسيا ينادي بالتربية العلمية ويدعو إليها إلا أن يكون مظهراً من مظاهر سخط عام على تقسيم المجتمع إلى علماء ومهندسين فنيين وصنَّاع؟

وخلاصة هذه الشكوى أن تقسيم العمل قد أفقد العامل قواه المفكرة وسلبه قواه المخترعة، وكثيراً ما اخترع في الأزمان الماضية، وقد اخترع العمال في خلال القرن الماضي كل هذه الآلات التي غيرت عالم الصناعة كل التغيير ولكن أصبحت اليوم كل السلطة في أيدي أصحاب المعامل فلم يعد العامل يخترع شيئاً.

إن ما يخترعه المهندسون إن لم يكن خلواً مما يدل على عقل كبير وفكر عبقري فأغلبه غير صالح.

إذن فقد أصبح تعميم التعليم العملي ضرورياً لرقي المخترعات وتعددها ولا مخرج لنا من هذه الضائقة إلا أن نقرن العلم بالعمل ونعتاض عن تقسيم العمل بتعميم التعليم.

تلك هي خلاصة الحركة الحاضرة ومطالبها، ولكن قادة هذه الحركة لم يحسنوا تمحيص المسألة فذهبت آراؤهم شتيتاً من هذر، ونحن نقول أن صالح كلا العلم والصناعة، بل صالح المجتمع بأسره يلزم كل إنسان رجلاً كان أم امرأة أن يتلقى نصيباً من التربية تعينه