للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ قليل أدب متكبر، وكَانَ ميمون بن مهران إِذَا دُعِي إِلَى وليمة جلس مَعَ الصبيان والمساكين من الرِّجَال وترك الأغنياء، وكَانَ بكر بن عَبْد اللهِ المزني يَقُولُ: إِذَا رَأَيْت من هُوَ أكبر منك فعظّمْه وقل إنه سبقني إِلَى الإِسْلام والْعَمَل الصالح وَإِذَا رَأَيْت من هُوَ أصغر منك فعظمه وقل فِي نفسك إني سبقته إِلَى الذُّنُوب، وَإِذَا أكرمك النَّاس فقل هَذَا من فضل الله علي لا أستحقه وَإِذَا أهانوك فقل هَذَا بذنب أحدثته.

ومن أخلاقهم انخلاع قُلُوبهمْ من خوف الله من ذَلِكَ ما ذكر أنه لما حضرت الوفاة سلمان الفارسي بكى، وقَالَ إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ عهد إلينا وقَالَ: «ليكن بلغة أحدكم من الدُّنْيَا كزَادَ الراكب " وها أَنَا قَدْ جمعت هَذِهِ الأمتعة وأشار إليها وهي أجانة وحفنة ومطهرة فَلَمَّا مَاتَ قوموها بخمسة عشر درهمًا.

شِعْرًا: ... مَا ضَرَّ مَنْ كَانَتْ الْفِرْدَوْسُ مَسْكَنَهُ ... مَاذَا تَحَمَّلَ مِنْ بُؤْسٍ وَإِقْتَارِ

تَرَاهُ يَمْشِي كَئِيبًا خَائِفًا وَجِلاً ... إلى الْمَسَاجِدِ يَسْعَى بَيْنَ أَطْمَارِ

ومِمَّا ينسب إِلَى الشَّافِعِي:

يَا لَهْفَ قَلْبِي عَلَى شَيْئَيْنِ لَوْ جُمِعَا ... عِنْدِي لَكُنْتَ إِذَا مِنْ أَسْعَدِ الْبَشَرِ

كَفَافِ عَيْشٍ يَقِينِي شَرَّ مَسْأَلَةٍ ... وَخِدْمَةِ الْعِلْمِ حَتَّى يَنْتَهِي عُمُرِي

آخر: ... قَطَعَ اللَّيَالِي مَعَ الأَيَّامِ فِي خَلِق ... وَالنَّوْمُ تَحْتَ رِوَاقِ الْهَمِّ وَالْقَلَقِ

أَحْرَى وَأَعْذَرُ لِي مِنْ أَنْ يُقَالَ غَدًا ... إِنِّي التَمَسْتُ الْغِنَى مِنْ كَفِّ مُخْتَلِقِ

قَالُوا قَنِعْتَ بِذَا قُلْتُ الْقُنُوعُ غِنَى ... لَيْسَ الْغِنَى كَثْرَةُ الأَمْوَالِ وَالْوَرَقِ

آخر: ... لا تَضْرَعَنَّ لِمَخْلِوقٍ عَلَى طَمَعٍ ... فَإِنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ مِنْكَ فِي الدِّينِ

وَاسْتَرْزِقْ اللهَ مِمَّا فِي خَزَائِنِهِ ... فَإِنَّمَا الأَمْرُ بَيْنَ الْكَافِ وَالنُّونِ

آخر: ... كَمْ فَاقَةٍ مَسْتُورَةٍ بِمُرُوءَةٍ ... وَضَرورَةٍ قَدْ غُطِّيَتْ بِتَجَمُّلِ

وَمنِ ابْتِسَامٍ تَحْتَهُ قَلْبٌ شَجِي ... قَدْ خَامَرَتْهُ لَوْعَةٌ مَا تَنْجَلِي

<<  <  ج: ص:  >  >>