ولما حضرت عَبْد اللهِ بن المبارك الوفاة قَالَ لغلامه: اجعل رأسي على الأَرْض. فَبَكَى غلامه قَالَ: ما يبكيك؟ قَالَ: ذكرت ما كنت فيه من النَّعِيم وأَنْتَ هُوَ ذا تموت على هَذِهِ الحال فقَالَ: إني سألت ربي أن أموت على هَذِهِ الحال.
ثُمَّ قَالَ: لقني يَا أخي لا إله إلا الله إِذَا الحال تغير، ولا تعد علي إلا إن تكلمت بعد بكلام. ودخل الحسن البصري على رجل وَهُوَ فِي سياق الموت يجود بنفسه فقَالَ: إن أمرًا هَذَا آخره لحقيق أن يزهد فِي أوله. ولما حضرت أبا ذر الوفاة قَالَ: يَا موت اخنق وعجل فإني أحب لقاء الله.
ودخل أبو الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ على رجل محتضر يجود بنفسه فوجده يَقُولُ: الحمد لله. فقَالَ لَهُ: أصبت يَا أخي أن الله إِذَا قضى أمرًا أحب من عبده أن يحمده عَلَيْهِ. ودخل سفيان الثوري على ولد يجود بنفسه وأبواه يبكيان عنده فقَالَ لهما: لا تبكيا فَإِنَّي قادم على من هُوَ أرحم منكما. ولما حضرت أبا هريرة الوفاة بكى، قَالُوا: ما يبكيك؟ قَالَ: بعد السفر وقلة الزَّاد وضعف اليقين وخوف الوقوع من الصراط فِي النار. وروي أن معاذ بن جبل رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لما حضرته الوفاة قَالَ: أعوذ بِاللهِ من ليلة صباحها إِلَى النار.