للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شِعْرًا: ... لَعَمْرِي مَا الرَّزِيَّةُ فَقْد قَصَرٍ ... فَسِيحٍ مُنْيَةِ لِلسَّاكِتِينَا

وَلَكِنَّ الرَّزِيَّةَ فَقْدُ دِينٍ ... يَكُونُ بِفَقْدِهِ مِنْ كَافِرِينَا

ثُمَّ قَالَ: مرحبًا بالموت زائر مغيب وحبيب جَاءَ على فاقة، اللَّهُمَّ إني كنت أخافك وأنَا الْيَوْم أرجوك، اللهم إِنَّكَ تعلم أني لم أكن أحب الدُّنْيَا وطول البقاء فيها لكري الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن لطول ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء ومكابدة السَّاعَات ومزاحمة الْعُلَمَاء بالركب عَنْدَ حلق الذكر.

ولما حضرت أبا الدرداء الوفاة وجعل يجود بنفسه وَيَقُولُ: ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هَذَا ألا رجل يعمل لمثل يومي هَذَا ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هَذِهِ. ثُمَّ قبض رَحِمَهُ اللهُ فيا أيها الغَافِل المهمل وكلنا كَذَلِكَ انتبه واغتنم أوقات الصحة والسلامة واملأ أوقاتك بالباقيات الصالحات قبل أن يفاجئك هاذم اللذات ويحال بينك وبين الأَعْمَال الصالحات وتندم ولات ساعة مندم.

شِعْرًا: ... تَغَنَّمْ سُكُونَ الْحَادِثَاتِ فَإِنَّهَا ... وَإِنْ سَكَنَتْ عَمَّا قَلِيلٌ تَحَرَّكُ

وَبَادِرْ بَأَيَّامِ السَّلامَةِ إِنَّهَا ... رِهَانٌ وَهَلْ لِلرَّهْنِ عِنْدَكَ مَتْرَكُ

آخر: ... نَهَارُكُ بَطَّالٌ وَلَيْلُكَ نَائِمٌ ... وَعَيْشُكَ يَا مِسْكِينُ عَيْشُ الْبَهَائِم

آخر: ... وَعَظَتْكَ أَجْدَاثٌ وَهُنَّ صُمُوتُ ... وَسُكَّانِهَا تَحْتَ التُّرَابِ خُفُوتُ

أَيَا جَامِعَ الدُّنْيَا لِغَيْرِ بَلاغِهِ ... لِمَنْ تَجْمَعِ الدُّنْيَا وَأَنْتَ تَمُوتُ

وروى المزني قَالَ: دخلت على الشَّافِعِي فِي مرضه الَّذِي مَاتَ فيه فَقُلْتُ لَهُ: كيف أصبحت؟ فقَالَ: أصبحت من الدُّنْيَا راحلاً وللإِخْوَان مفارقًا ولسوء عملي ملاقيًا ولكأس المنية شاربًا وعلى الله واردًا فلا أدري أروحي تصير إِلَى الْجَنَّة فأهنؤها أَوْ إِلَى النار فأعزيها ثُمَّ أنشأ يَقُولُ:

وَلَمَّا قَسَى قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي ... جَعَلْتُ الرَّجَا مِنِّي لِعَفْوِكَ سُلَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>