للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني ترك التوبة وتسويفها يقول سوف أتوب وفي الأيام سعة وأنا شاب والتوبة بين يدي وأنا قادرٌ عليها متى أردتها وربما اغتاله الموت وهو مصرٌ واختطفه الأجل قبل التوبة وإصلاح العمل.

والثالث الحرص على جمع المال والاشتغال بالدنيا عن الآخرة يقول أخاف الفقر في الكبر وربما ضعفت عن الاكتساب ولا بد لي من شيءٍ فاضل أدخره لمرضٍ أو هرمٍ أو فقرٍ هذا ونحوه يحرك إلى الرغبة في الدنيا والحرص عليها.

والرابع القسوة في القلب والنسيان للآخرة لأنك إذا أملت العيش الطويل لا تذكر الموت والقبر في الغالب.

وعن علي رضي الله عنه قال: أخوف ما أخاف عليكم اثنان طول الأمل وإتباع الهوى لأن طول الأمل ينسي الآخرة وإتباع الهوى يصدك عن الحق.

فإذا يصير فكرك في حديث الدنيا وأسباب العيش في صحبة الخلق فيقسو القلب.

ويغلب عليه الحرص. كما قيل:

وَالْمَرْءُ يُدْرِكُ أَنَّ الْمَرْءَ مُخْتَلَسٌ ... مِنَ الْحَيَاة وَلَكِنْ يَغْلِبُ الطَّمَعُ

وبسبب طول الأمل تقل الطاعة وتتأخر التوبة وتكثر المعصية ويشتد الحرص وتعظم الغفلة فتذهب الآخرة إن لم يرحم الله.

فأي حال أسوء من هذه وأي آفة أعظم من هذه وإنما رقة القلب وصفوته بذكر الموت ومفاجأته والقبر وظلمته والثواب والعقاب وأحوال الآخرة.

وقال رحمه الله: اعلم أن تقصير الأمل مع حب الدنيا متعذر وانتظار الموت مع الاكباب عليها غير متيسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>