للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه في نفسه صفة كمال، بل حاجته إليه كحاجته إلى ما به قوام نفسه وذاته.

ولهذا اشتدت وصاة شيوخ العارفين لمريديهم بالعلم وطلبه، وإنه من لم يطلب العلم لم يفلح، حتى كانوا يعدون من لا علم له من السفلة.

قَالَ ذو النون وقد سئل من السفلة؟ فقَالَ: من لم يعرف الطريق إلى الله ولا يتعرفه.

وقَالَ أبو زيد: لو نظرتم إلى الرجل وقد أعطي من الكرامات حتى يتربع في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود ومعرفة الشريعة.

وقَالَ أبو حمزة البزازي: مَن عَلِمَ طريقَ الحقِّ سُهِّلَ عليه سُلُوكُه، ولا دليل على الطريقةِ إلا متابعةُ الرسولِ في أَقواله وأفَعاله وأَحواله.

وقَالَ محمد بن الفضل الصوفي الزاهد: ذهاب الإسلام على يدي أربعة أصناف من الناس.

صِنْفٌ لا يَعْمَلُونَ بما يَعْلَمُون.

وَصِنْفٌ يَعْمَلُونَ بما لا يَعْلَمُون.

وَصِنْفٌ لا يَعْمَلونَ ولا يَعْلمَون.

وَصِنْفٌ يَمْنَعُونَ الناسَ مِن التَّعَلم.

قلت: الصنف الأول: من له علم بلا عمل، فهو أضر شيء على العامة، فإنه حجة لهم في كل نقيصة ومخسة.

والصنف الثاني: العابد الجاهل، فإن الناس يحسنون الظن به لعبادته وصلاحه فيقتدون به على جهله.

وهذان الصنفان هما اللذان ذكرهما بعض السلف في قوله: احذروا فتنة العالم الفاجر، والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون.

<<  <  ج: ص:  >  >>