سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» . رواه الترمذي وقال حديث حسن.
وعن سلمان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«إن في الجنة قيعان فأكثروا من غراسها» . قالوا: يا رسول الله وما غراسها؟ قال:«سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» .
واعلم رحمك الله أن مما يعينك على الفكرة في الموت ويفرغك له ويكثر اشتغال فكرك به تذكر من مضى من إخوانك وخلانك وأصحابك وأقرنك وزملائك وأساتذتك ومشايختك الذين مضوا قبلك وتقدموا أمامك.
كَانُوا يَحْرِصُونَ حِرْصَكَ وَيَسْعَونَ سَعْيَكَ وَيَأْمَلُونَ أَمَلَكَ ويعملون في هذه الدنيا عملك وقصت المنون أعناقهم وقصمت ظهورهم وأصلابهم، وفجعت فيهم أهليهم وأحباءهم وأقرباءهم وجيرانهم فأصبحوا آية للمتوسمين وعبرة للمعتبرين.
ويتذكر أيضًا ما كانوا عليه من الاعتناء بالملابس ونضافتها ونضرة بشرتهم، وما كانوا يسحبونه من أردية الشباب وأنهم كانوا في نعيم يتقلبون، وعلى الأسرة يتكئون، وبما شاءوا من محابهم يتنعمون.
وفي أمانيهم يقومون ويقعدون، لا يفكرون بالزوال، ولا يهمون بانتقال، ولا يخطر الموت لهم على بال، قد خدعتهم الدنيا بزخرفها، وخلبتنم وخدعتنم برونقها، وحدثتهم بأحاديثها الكاذبة، ووعدتهم بمواعيدها المخلفة الغرارة.
فلم تزل تقرب لهم بعيدها، وترفع لهم مشيدها، وتلبسهم غضها وجديدها، حتى إذا تمكنت منهم علائقها، وتحكمت فيهم رواشقها، وتكشفت لهم حقائقها، ورمقتهم من المنية روامقها.