وَلَوْ كَان ذَا عَقْلٍ لأَغْنَتْهُ بُلْغَةٌ
مِنَ الْعَيْشِ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَكُ يَجْشَعُ
إِلَى أَنْ تُوَافِيهُ الْمَنِيَّة وَهُوَ بَالْ
قَنَاعَةِ فِيهَا آمِنًا لا يُرَوَّعُ
مَصَائِبُهَا عَمَّتْ فَلَيْسَ بِمُفْلِتٍ
شُجَاعُ وَلا ذَوُ ذِلَّةٌ لَيْسَ يَدْفَعُ
وَلا سَابِحٍ فِي قَعْرِ بَحْرٍ وَطَائِرٌ
يَدُومُ فِي بَُوحِ الْفَضَاءِ وَيَنْزِعُ
وَلا ذُو امْتِنَاعٍ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ
لَهَا فِي ذَرَى جَوِّ السَّمَاءِ تَرْفَعُ
أَصارته مِنْ بَعْدِ الْحَيَاةِ بِوَهْدَةٍ
لَهُ مِنْ ثَرَاهَا آخِرُ الدَّهْرِ مَضْجَعٍ
تَسَاوَى بِهَا مِنْ حِلٍّ تَحْتَ صَعِيدِهَا
عَلَى قُرْبِ عَهْدٍ بِالْمَمِاتِ وَتُبَّعُ
فَسِيَّانِ ذُو فَقْرٍ بِهَا وَذُووا الْغِنَى
وَذُو لَكِنْ عِنْدَ الْمَقَالِ وَمِصْقَعُ
وَمَنْ لَمْ يَخْفَ عِنْدَ النَّوَائِبِ حَتْفَهُ
وَذَو جُبْنٍ خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ يَسْرَعُ
وَذُو جَشَعٍ يَسْطُو بِنَابٍ وَخَلَبٍ
وَكُلّ بُغَاثٍ ذَلَّةً لَيْسَ يَمْنَعُ
وَمَنْ مَلَكَ الآفَاقِ بَأْسًا وَشِدَّةً
وَمَنْ كَانَ مِنْهَا بالضَّرُورَةِ يَقْنَعُ