وقال {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ} وقال {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا} .
وأنه الذي فضله على كثير من خلقه كما قال تعالى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} وأنه مدين لله في وجوده وبقائه وفنائه وبعثه وأنه محتاج إلى الله في جميع حركاته وسكناته بل مضطر إليه ضرورة مستمرة.
وأنه إذا فكر في نفسه وأدرك ما انطوت عليه من دقيق الصنع وبديع التركيب كما أشار إليه قوله:{وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} وعلم أنه لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا فلا بد أن يستحي من عصيان ذلك الخالق العظيم الحكيم ولا بد أن يفعل ما أمره الله به وينتهي عما نهاه عنه وذلك هو الخير كله كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق.
وهذا واضح لأن الذي يطيع الله فيما أمر يقوم بالواجبات، ويمتنع عن المحرمات فلا يظلم ولا يتكبر ولا ينافق ولا يكذب ولا يرابي ولا يرائي ولا يخون ويتجنب جميع سفساف الأمور، ويعمل بمعالي الأخلاق من العدل والتواضع والحلم والصدق والصبر والعفة ونحو ذلك.
ومن يفعل ذلك فهو ذو فضل عظيم وخير كثير على نفسه وعلى غيره يعيش في هذه الدنيا عيشة راضية ويحيا حياة هنية طيبة في الدنيا والآخرة، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} .