للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. وَمِنْ بَعْدِ ذَا وَصفِي لِنَفْسِي وَطَبْعِهَا ... وَوَصْفِي غَيْرِي إِذْ عَرَفْتُ ابْتِدَائِيَا

فَهَذَا مِنَ الأَنْبَاء وَصْفُ غَرَائِبٍ ... فَمَنْ كَانَ وَصْف لَكَانَ يجَالِيَا

وَذَاكَ لأَنَّ النَّاسَ قَدْ آثَرُوا الْهَوَى ... عَلَى الْحَقِّ سِرًّا ثُمَّ جَهْرًا عَلانِيَا

فَهَذَا زَمَانُ الشَّرِّ فَاحْذَرْ سَبِيلَهُ ... فَإِنَّ سَبِيلَ الشَّرِّ يُرْدِي الْمَهَاوِيَا

سَيَأْتِيكَ مِنْ أَنْبَائِهِ وَصْفُ خَابِرٍ ... كَلامٌ بِتَحْبِيرٍ وَوَصْفُ قَوَافِيَا

يَقُولُونَ لِي اهْجُرْ هَوَاكَ وَإِنَّمَا ... أَكدُّ وَأَسْعَى أَنْ أُقِيمَ هَوَائِيَا

وَنَفْسَكَ جَاهِدْهَا وَإِنِّي لَمَائِلٌ ... إِلَيْهَا فَمَا أَنْ دَارَ أَلا تَنَائِيَا

وَكَيْفَ أَطِيقُ الْهَوَى أَنْ أَهْجُرَ الْهَوَى ... وَقَدْ مَلَّكَتْهُ النَّفْسُ مِنِّي زِمَامِيَا

تَقُودُنِي الأَيَّامُ فِي كُلِّ مُحْنَةٍ ... لَدَى طَبْعٍ يَبْدُو يَهِيجُ ذَاتِيَا

فَأَصْبَحْتُ مَأْسُورًا لَدَى النَّفْسِي وَالْهَوَى ... يَشُدَّانِ مِنِّي مَا اسْتَطَاعَا وَثَاقِيَا

اللهم اعصمنا عن المعاصي والزلات ووفقنا للعمل بالباقيات الصالحات واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء مِنْهُمْ والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وعَلَى آله وصحبه أجمعين.

(فائدة جليلة)

إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده يحمل الله سبحانه حوائجه كلها وحمل عنه كل مَا أهمه، وفرغ قلبه لمحبته ولسانه لذكره وجوارحه لطاعته وإن أصبح وأمسى والدنيا همه حمله الله همومها وغمومها وأنكادها ووكله إِلَى نفسه فشغل محبته بمحبة الخلق ولسانه عن ذكره بذكرهم وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم.

فهو يكدح كدح الوحش فِي خدمة غيره كالكير ينفخ بطنه ويعصر أضلاعه فِي نفع غيره فكل من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته بلي بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته قال تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} . أ. هـ.

دَارك فَمَا عُمْرُكَ بِالْوَانِي ... وَلا تَثِقْ بِالْعُمْرِ الْفَانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>