للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي عدم تكليفها فوق الطاقة وفي ملاحظتها دائمًا فِي طعامها وشرابها ومكانها فِي الشتاء والصيف.

وتظهر رحمتك فِي معاملتك مع الخلق كلهم فِي حسن الخلق والصدق والحنو عليهم وزيارتهم وعيادتهم وقضاء مَا سهل عليك من حوائجهم، أما من قسا على الخلق وعاملهم معاملة ليس فيها شيء من الحنان والشفقة فهذا هو الجبار القاسي الذي لا يعامله مولاه إلا بما يناسب معاملته من الجبروت.

وكم فِي الدنيا من جبابرة نزعت الرحمة من صدورهم لا يعرفون معاملة الخلق بالرحمة بل بالقسوة والشدة والغلظة، لا فرق عندهم بين الآدمي والكلب العقور وغيره.

ومثل أولئك لو سمعوا كلمة لا تعجبهم ربما أعدموا القائل وأيتموا أولاده وأيموا نساءه، ولو رأوا من فِي أشد المصائب مَا بالوا ولا اهتموا وكأنه شيء عادي، وترى أحدهم يخرج مع الجنائز لتعزية رفيقه فِي مصائبه وهو يضحك ويتفكه.

ولو رأى إنسانًا مصدومًا أو ساقطًا فِي محل يريد إنقاذه تركه ولا همة له إلا فيما يتعلق بنفسه فقط ومثل أولئك تنشب بينهم وبين البهائم كل يوم حروب لأنها عملت عملاً في نظرهم أنه إجرام وربما قتلوا البهائم أو قريبًا من الهلاك.

فأين هؤلاء من الرحمة، بينهم وبينها بون، كما بين الحركة والسكون، ومن هؤلاء من ليس له إلا امرأة واحدة وهو جبار عليها كل مَا بين حين وحين يجلدها جلد الزاني، وبعضهم تجد أخته أو ابنته أو ربيبته كل يوم تشتكي من سوء معاملته لها. وربما حصل مِنْه على أبيه أو أمه أو كلاهما أذية.

<<  <  ج: ص:  >  >>