للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

وقال ابن القيم رحمه الله في الكلام على مَرَاحِل العالِمَين وكيفيةِ قَطْعِهمِ إياَّها فْلَنْرجِعْ إليه فنقول أمَّا الأَشْقَياءُ فقطعُوا تِلكَ المراحلَ سَائِرين إلى دارِ الشقاء مُتزودين غضَبَ الربِ سُبْحَانِهِ.

ومُعَاداةَ كُتُبِهِ ورُسُلِهِ، وما بُعِثُوا به ومُعَادَاةَ أوليائِهِ والصَّدَّ عن سبيلِهِ ومحاربةَ مَن يدعو إِلى دينه ومقاتلةَ الذين يأمرون بالقسط من الناس وإقامة دعوة غير دعوة الله التي بَعَثَ بها رُسَلَه لِتَكُونَ الدعوةُ لَهُ وَحْده.

فقطعَ هؤلاءِ الأَشقياءُ مَرَاحِلَ أعمارِهِم في ضِدّ ما يُحِبه اللهُ ويُرَضاه: وأَمَّا السائِرونَ إليه فظالِمُهُم قَطَعَ مَراحِلَ عُمُرِهِ في غفلاتِهِ وايثار شهواته ولَذَّاتِهِ على مَراضِ الرب سبحانه وأوامِرِه مع ايمانه بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر.

لكن نفسه مغلوبة معه مأسورة مع حظه وهواه يعلم سوء حاله ويعترف بتفريطه ويعزم على الرجوع إلى الله فهذا حال المسلم.

وأما من زين له سوء عمله فرآه حسناً وهو غير معترف ولا مقر ولا عازم على الرجوع إلى الله والإِنابة إليه أصلاً.

فهذا لا يكاد إسلامه أن يكون صحيحاً أبداً ولا يكون هذا إلا منسلخ القلب من الإيمان ونعوذ بالله من الخذلان.

وأَما الأَبرار المقتصدون فقَطَعوا مَرَاحِلَ سَفَرهم بالاهتمام بإقامةِ أمْرِ اللهِ وعقدِ القلبِ على تَرْكِ مُخَالَفَتِهِ ومَعَاصِيه فَهمهُم مصرْوُفْةٌ إلى القيامِ بالأَعمالِ الصالحةِ واجتنابِ الأَعمالِ القبيحةِ.

فأَولُ مَا يَسْتَيقِظُ أَحَدُهُم مِن مَنامِهِ يَسْبِقُ إِلى لُبِهِ القِيامُ إلى الوُضُوءِ والصلاة كما أَمَرَهُ اللهُ فإِذا أَدّى فَرْضَ وقْتِهِ اشْتَغَلَ بالتلاوةِ والاَذكارِ إلى حِينِ تطلعُ الشمسُ فيركَعُ الضُحِى.

<<  <  ج: ص:  >  >>