للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينتهي وطمَعٌ لا يقلع وهَذَا في هذه الدار.

وأما في البرزخ فأضعاف أضعاف ذَلِكَ قَدْ حيل بينه وبين ما يشتهي وفاته ما كَانَ يتمناه من قرب ربه وكرامته ونيل ثوابه وأحضر جَمِيع غمومه وأحزانه، وأما في دار الجزاء فسجن أمثاله من المبعدين المطرودين فواغوثاه ثُمَّ واغوثاه بغياث المستغيثين وأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

فَمَنْ أعْرَضَ عَنْ اللهِ بالكُليَّةِ أعْرَضَ اللهُ عَنْهُ بالكُلَّيَّةِ وَمَنْ أعْرَضَ اللهُ عَنْهُ لَزِمَهُ الشّقَاءُ والبُؤْسُ والبَخْسُ فِي أَحْوالِهِ وأعمَالِهِ وقَارَنَهُ سُوءُ الحَالِ وَفَسَادٌ فِي دِيْنِهِ ومَاَلهِ ِفَإِنَّ الرّبَّ إِذَا أعْرَضَ عَنْ جِهَةٍ دَارَتْ بِهَا النُّحُوسُ وأظْلَمْتْ أرْجاؤُهَا وانْكَسَفَ أنوارُهَا وَظَهَرَ عَلَيْهَا وَحْشَةُ الإِعْرَاضِ وَصَارَتْ مَأْوَى لِلشَّيَاطِيْنَ وَهَدَفاً لِلشُّرُورِ وَمَصّباً لِلْبََلاءِ.

فَالمَحْرُوْمُ كُلَّ المَحْرُوْمِ مَنْ عَرَفَ طَرِيقاً إِلَيْهِ ثُمَّ أعْرَضَ عَنْهَا أَوْ وَجَدَ بَارِقَةً مِنْ حُبِّهِ ثُمَّ سُلِبَها لَمْ يَنْفُذْ إِلى رَبَّهِ مِنْها خُصُوصاً إِذَا مَالَ بِتِلْكَ الإِرَادَةِ إِلى شَيْءٍ مِنْ اللَّذَاتِ وانْصَرَف بجُمْلَتِهِ إِلى تَحْصِيْلِ الأغْرَاضِ والشّهَوَاتِ عاكِفَاً عَلَى ذَلِكَ فِي لَيْلِهِ وَنَهارِهِ وَغُدُوَّهِ وَرَوَاحِهِ هابِطاً مِنَ الأوْجِ الأعْلَى إِلى الحَضِيضِ الأدْنَى.

قَدْ مضت عَلَيْهِ برهة من أوقاته وكَانَ همه الله وبغيته قربه ورضاه وإيثاره علي كُلّ ما سواه علي ذَلِكَ يصبح ويمسي ويظِلّ ويضحي وكَانَ الله في تلك الحال وليه لأنه ولي من تولاه وحبيب من أحبه ووالاه.

فأصبح في سجن الهوى ثاوياً وفي أسر الْعَدُوّ مقيماً وفي بئر المعصية ساقطاً وفي أودية الحيرة والتفرقة هائماً معرضاً عن المطالب العالية إلي

<<  <  ج: ص:  >  >>