للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلاج ذَلِكَ إن كَانَ من المواد الظاهرة بقطع ما يشغل البصر والسمَعَ وَهُوَ القرب من القبلة والنظر إلي موضع السجود والابتعاد في الصَّلاة عما فيه نقوش أو تطريز أو نحو ذَلِكَ مِمَّا يلهي ويشغل الْقَلْب فإن النَّبِيّ ? صلي في أنبجانية فيها أعلام ونزعها وَقَالَ ((إنها ألهتني آنفاً عن صلاتي)) .

وإن كَانَ من المواد الباطنة فطَرِيق علاجه أن يرد النفس قهراً إلي ما يقَرَأَ في الصَّلاة ويشغلها به عن غيره ويستعد لذَلِكَ قبل الدخول في الصَّلاة بأن يقضي أشغاله ويجتهد علي تفريغ قَلْبهُ عن الهواجس ويجدد علي نَفْسهُ ذكر الآخرة وخطر القيام بين يدي الله عَزَّ وَجَلَّ وهول المطلع.

فإن لم تذهب وتسكن الأفكار بذَلِكَ فليعلم أنه إنما يتفكر فيما أهمه واشتهاه وناسب لهوه فليترك تلك الشهوات وليقطع تلك العلائق.

واعْلَمْ أن العلة والمرض متي تكمن لا ينفع فيه إِلا الدواء القوي والعلة إذا قويت جاذبت المصلي وجاذبها إلي أن تقضي الصَّلاة في المجاذبة ومثل ذَلِكَ كمثل رجل تحت شجرة أراد أن يصفو له فكره أو أراد أن ينام وكانت هذه الشجرة مأوي للعصافير تقع عَلَيْهَا وتشوش عَلَيْهِ بأصواتها وحركاتها وفي يده عصا يطردها به فما يستقر فكره حتى تعود العصافير فيشتغل بها.

فقيل له هَذَا شَيْء يدوم لا ينقطع فإن أردت الخلاص مِمَّا شوش عَلَيْكَ فاقطع الشجرة فكَذَلِكَ شجرة الشهوة وحب الدُّنْيَا إذا ارتفعت وتفرقت أغصانها انجذبت إليها الأفكار فذهب العمر النفيس في دفع ما لا يندفع والسبب الوحيد حب الدُّنْيَا فهو الَّذِي يجذب الأفكار ويولدها وينميها فعلي العاقل أن يجتهد في قلع حبها وَهُوَ صعب جداً علي أكثر الخلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>