والمعني: أنك إِذَا قمت بما عَلَيْكَ لله من حقوق التقوي فلا تهتم بعد ذَلِكَ بصالحك فإن الله هُوَ أعلم بِهَا منك وَهُوَ يوصلها إليك عَلَى أتم الوجوه من غَيْرَ اهتمام منك بها.
وفِي حديث جابر رَضِيَ اللهُ عنهُ أن النَّبِيّ ? قال:"من كَانَ يحب أن يعلم منزلته عِنْدَ الله فلينظر كيف منزلة الله عنده فإن الله ينزل الْعَبْد منه حيث أنزله من نفسه ".
فهَذَا يدل عَلَى أنه عَلَى قدر اهتمام الْعَبْد بحقوق الله وبأداء حقوقه مراعاة حقوقه ومراعاة حدوده واعتنائه بذَلِكَ وحفظه لَهُ يكون اعتناؤه به وحفظه له.
فمن كَانَ غاية همه رَضِيَ اللهُ عنهُ وطلب قربه ومعرفته ومحبته وخدمته فإن الله يكون لَهُ عَلَى حسب ذَلِكَ كما قال تعالى: (فاذكروني أذكركم "، " وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم) بل هُوَ سُبْحَانَهُ أكرم الاكرمين فهو يجازي بالحسنة عشراً ويزيد.
ومن تقرب منه شبراً تقرب منه ذراعاً، ومن تقرب من ذراعاً تقرب منه باعاً ومن أتاه يمشي أتاه هرولة. ما يؤتي الإنسان إلا من قبل نَفْسه ولا يصيبه المكروه إلا من تفريطه فِي حق ربه عز وجل.
قال عَلَي رَضِيَ اللهُ عنهُ: لا يرجوَنَّ عبد إلا ربه ولا يخافن إلا ذنبه. قال بَعْضهمْ: من صفِي صفِي له، ومن خلط خلط عليه. وَقَالَ مسروق: من راقب الله فِي خطرت قَلْبهُ عصمه الله فِي حركات جوارحه وبسط له. هَذَا المعني يطول جداً. وفيما أشرنا إليه كفاية ولله الحمد والمنة.