اللَّهُمَّ ثبتنا عَلَى قولك الثابت فِي الحياة وبعدها، وَاجْعَلْنَا مِنْ عبادك المفلحين الَّذِينَ نورت قُلُوبهمْ بمعرفتك، وأهلتهم لخدمتك، وحرستهم من عَدُوّكَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِيْنَ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وصلي الله عَلَى مُحَمَّد وعَلَى آله وصحبه أجمعين.
(فَصْلٌ)
وقوله ? تجده أمامك وفِي رواية أخري تجاهك معناه: أن من حفظ حدود الله راعي حقوقه وَجَدَ الله معه فِي جَمِيع الأحوال يحوطه وينصره ويحفظه ويوفقه ويؤيده ويسدده فأنه قائم عَلَى كُلّ نفس بما كسبت.
وهو تعالى {مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} قال قتادة: ومن يتق الله ومن يتق الله يكن معه. ومن يكن الله معه فمعه الفئة التي لا تغلب والحارس الَّذِي لا ينام والهادي الَّذِي لا يضل.
كتب بعض السَّلَف إلي أخ لَهُ أما بعد: إن كَانَ الله معك فمن تخاف وإن كَانَ عَلَيْكَ فمن ترجو والسلام. وهذه المعية الخاصة بالمتقين غَيْرُ المعية العامة المذكورة فِي قوله تعالى:(وهو معكم أينما كنتم) وقوله: {وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} .
فإن المعية الخاصة تقتضي النصر والتأييد والحفظ والاعانة، كما قال تعالى لموسي عَلَيْهِ السَّلام وهارون:{لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} وقوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} .
وكَانَ النَّبِيّ ? قَدْ قال لأبي بكر الصديق رَضِيَ اللهُ عنهُ فِي تلك الحال:" ما ظنك باثنين الله ثالثهما ".