وَقَالَ رَحِمَهُ اللهُ عَلَى قوله ?:"تعرف إلي الله فِي الرخاء يعرفك فِي الشدة ": المعني: أن الْعَبْد إِذَا اتقي الله وكَانَ بينه وبينه معرفة فعرفه ربه فِي الشدة وعرفه عمله فِي الرخاء فنجاه من الشدائد بتلك المعرفة.
وهذه أيضاً معرفة خاصة تقتضي القرب من الله عَزَّ وَجَلَّ ومحبته لعبده وإجابته لدعائه ولَيْسَ المراد بِهَا المعرفة العامة، فإن الله لا يخفِي عَلَيْهِ حال أحد من خلقه كما قال تعالى:{هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} وَقَالَ تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ} .
وهَذَا التعرف الْخَاص هُوَ المشار إليه فِي الْحَدِيث الإلهي:" لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتي أحبه" إلي أن قال: "ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه ".
اجتمَعَ الفضيل بشعوانة العابدة فسألها الدُّعَاء، فقَالَتْ: يا فضيل وما بينك وبينه، إن دعوته أجابك. فشهق الفضيل شهقة خر مغشياً عليه.
وَقَالَ أبو جعفر السائح: أتي الحسن إلي حبيب أبي مُحَمَّد هارباً من الحجاج فَقَالَ: يا أبا مُحَمَّد احفظني من الشرط هم عَلَى أثري.
فَقَالَ: يا أبا سعيد ألَيْسَ بينك وبينه من الثِّقَة ما تدعوه فيسترك من هؤلاء، ادخل البيت، فدخل الشرط عَلَى أثره فلم يروه فذكروا ذَلِكَ للحجاج فَقَالَ: بل كَانَ فِي بيته إلا أن طمس عَلَى أعينهم فلم يروه.