للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصغَيْر منا والكبير الكمال فِي نَفْسه ومن اعتقَدْ ذَلِكَ فِي نَفْسه هوي لأنه لا يلتفت إلي ما به كمال الرِّجَال، ومرض ينتج مرضاً آخر هُوَ مرض الكبر وصف الأنذال والأرذال والجهال، والمتكبر لا ينظر إليه بعين الرِّضَا والكبر ينشأ عنهُ مرض الحسد والحسود يتمني زَوَال نعمة الله عن خلقه، والحسد يولد الحقد الَّذِي ربما حمل صاحبه عَلَى قتل من لا ذنب له إلا ما أولاه الله من النعم، ولَيْسَ هَذَا كُل ما فِي قلوبنا من الأمراض بل فيها مرض البخل والشح الَّذِي وصل بنا إلي منع الزَّكَاة أو بعضها، وغَيْرَ ذَلِكَ كثير وكلها أمراض مهلكات، ونَحْنُ لا نهتم بقلوبنا ولا بأمراضها وإنما نهتم بأمراض أجسامنا، ونبادر فِي علاجها إلي المستشفيات، وأمراضها يسيرة بسيطة بِالنِّسْبَةِ إلي أمراض القُلُوب، ونهتم أيضاً بجمال ظواهرنا فنبالغ فِي تحسين ملابسنا ومراكبنا ومساكننا ومجالسنا وأبداننا، انظر إلينا عِنْدَ الذهاب إلي مقر الْعَمَل لتعجب من تغفيلنا وانخداعنا، ولَوْ كانت عنايتنا بالقُلُوب كعنايتنا بالملابس فقط ما كنا بهذه الحالات المحزنات.

شِعْراً:

... تَفَكَّرْتُ فِي الدُّنْيَا فَأبْصَرْتُ رُشْدَهَا ... وَذَلَّلْتُ بِالتَّقْوى مِنْ اللهِ حَدَّهَا

أَسَأْتُ بِهَا ظَناً فَأَخْلَفْتُ وَعْدَهَا ... وَأَصْبَحْتُ مَوْلاَهَا وَقَدْ كُنْتُ عَبْدَهَا

آخر: ... خَلِيْلَّيْ قُوْمَا فاحْمِلاَ لِي رِسَالَةً

وَقُولاَ لِدُنْيَانَا الَّتِي تَتَصَنَّعُ

عَرَفْنَاكِ يَا خَدَاعَةَ الخَلْقِ فَاذْهَبِي

أَلَسْنَا نَرَى مَا تَصْنَعِيْنَ وَنَسْمَعُ

فَلاَ تَتَجَلَّيْ لِلْعُيُونِ بِزِيْنَةٍ

فَإِنَّا مَتَى مَا تَسْفُرِي نَتَقَنَّعُ

نُغَطِي بِثَوْبِ اليَأْسِ عنكَ عُيُوبَنَا

إِذَا لاَحَ يَوْماً مِنْ مَخَازِيْكِ مَطْمَعُ ... >?

<<  <  ج: ص:  >  >>