للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرض اليدين والرجلين أن يكفهما ولا يبسطهما إلي محرم ولا يقبضهما عن حق وفرض الأنف أن لا يشم ما لا يجوز لَهُ شمه. قُلْتُ وقَدْ ترك باباً وَهُوَ أهمها وأخطرها وَهُوَ الفرج وفرضه حفظه عما عدا الزوجة والمملوكة قال تعالى {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} .

واعْلم أن أنجي الطَرِيق الْعَمَل بالعلم والتحرز بالخوف والغني بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ فاشتغل بإصلاح حالك وافتقر إلي ربك وتنزه عَن الشبهات وأقلل حوائجك إلي النَّاس فإن كثير الحاجات مملول عنْدَ القريب والبعيد.

لاَ تَسْأَلَنَّ إِلى صَدِيْقٍ حَاجَةً ... فَيَحُولُ عنكَ كَمَا الزَمَانُ يَحُولُ

وَاسْتَغْنَ بِالشَيْءِ القَلْيِلِ فَإِنَّهُ ... مَا صَانَ عِرْضَكَ لاَ يُقَالُ قَلِيْلُ

مَنْ عَفَّ خَفَّ عَلَى الصَّدِيْقِ لِقَاؤُهُ ... وَأَخُو الحَوَائِجِ وَجْهَهُ مَمْلُوْلُ

وَأَخُوكَ مَنْ وَفَرْتَ مَا فِي كَفِهِ ... وَمَتَى عَلِقْتَ بِهِ فَأَنْتَ ثَقْيِلُ

قيل لأحد الفقراء: ما أفقرك؟ فَقَالَ: لَوْ عرفت راحة الفقر لشغلك التوجع لنفسك عَن التوجع لي فالفقر ملك ما عَلَيْهِ محاسبة وقيل لَهُ لما لا يري أثر الحزن عَلَيْكَ فَقَالَ لأنني لم أتخذ شيئاً يحزنني فقده.

وَقَالَ بعض الحكماء: من أحب أن تقل همومه ومصائبه فليقلل قنيته للخارجات من يده لأن أسباب الهم فوت المطلوب أو فقد المحبوب ولا يسلم مِنْهُمَا إنسان قال الشاعر:

ومن سره أن لا يري ما يسوؤه ... فلا يتخذ شيئاً يخاف لَهُ فقداً

وذكر أنه لما غرقت البصرة أخذ النَّاس يستغيثون لإخراج أموالهم فخرج الحسن رَضِيَ اللهُ عنهُ ومعه قصعته وعصاه فَقَالَ نجا المخفون وقيل لأحد الزهاد أترضي من الدُّنْيَا بهذه الحال فَقَالَ إلا أدلك عَلَى من رضي بدون هَذَا قال نعم قال من رضي بالدُّنْيَا بدلاً من الآخرة.

وقيل لمُحَمَّد بن واسع رَحِمَهُ اللهُ أترضي بالدون فَقَالَ: إنما رضي بالدون من رضي بالدُّنْيَا بدلاً من الآخرة. وَقَالَ زاهد لملك أَنْتَ عبد عبدي لأنك

<<  <  ج: ص:  >  >>