وَرُبَّمَا آل حب المدح بصاحبه إلى أن يصير ديدانه مدح نَفْسهُ إما لتوهمه أن النَّاس غفلوا عن فضله وأخلوا بحقه من المدح فتسوقه المنافسة إلى مدح نَفْسهُ وفتح باب الاستهزاء عَلَيْهِ وإما ليخدعهم بتدلَيْسَ نَفْسهُ بالمدح والإطراء فيعتقَدْ الجهال أن قوله حق متبع وصدق مستمَعَ وإما لتلذذه بسماع الثناء وسرور نَفْسهُ بالمدح ولأي واحدٍ من الثلاثة كَانَ مدح النفس فهو الجهل الصريح والنقص الفضيح، والكبر القبح لأنه ناشيء عن عقل فاسدٍ.
وقَدْ قال بعض الشعراء:
... وَدَعْوَةُ الْمَرْءِ تُطْفِي نُورَ بَهْجَتِهِ
هَذَا بِحَقٍّ فَكَيْفَ الْمُدَّعِي زَلَلا ... >?
وينبغي للعاقل أن يسترشد إِخْوَان الصدق الَّذِينَ هم أصفياء القُلُوب الَّذِينَ يثق بدينهم وأمانتهم فهم مرايا المحاسن والعيوب لينبهوه على مساويه التي صرفه حسن الظن بنفسه عَنْهَا فَإِنَّهُمْ أمكن نظرًا وأسلم فكرًا ويجعلون ما ينبهونه عَلَيْهِ من مساويه عوضًا عن تصديقه المدح فيه.