وقَدْ روى أنس بن مالك عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ:«الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ، إذا رأى فيه عيبًا أصلحه» . وكَانَ عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: رحم الله امرأ أهدي إلينا مساوينا لنصلحها. وقيل لبعض الحكماء: أتحب أن تهدى إليك عيوبك؟ قال: نعم ممن يريد براءتي من العيوب لا من عدو يشمت بالذُّنُوب.
ومِمَّا يقارب هَذَا القول ما روي عن عُمَر بن الْخَطَّاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه قال لابن عباس: من تَرَى نوليه حمص فَقَالَ رجلاً صحيحًا منك لا تسوء به الظن بأنه لَيْسَ من أَهْل الكفاية نصيحًا لك مخلصًا فِي طَاعَتكَ قال عمر تَكُون أَنْتَ ذَلِكَ الرجل قال ابن عباس: لا تنفع بي مَعَ سوء ظنك بي لما حملت كلامي على التعريض، وسؤال الولاية.
وأما قول يوسف عَلَيْهِ السَّلام:{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} فلأنه قصد بذَلِكَ التنبيه على استقلاله بما سأل أن يفوض إليه لمصلحة لا يقوم بها غيره وهي العلم بجَمِيع الجهات المتعلقة بهذه الخزائن من حسن الاستخراج وحسن التصرف وإقامة العدل الكامل مَعَ الحفظ التام لذَلِكَ فهو لما رأى الملك استخلصه لذَلِكَ وجعله مقدمًا عَلَيْهِ وفي المحل العالي وجب عَلَيْهِ النَّصِيحَة التامة للملك والرعية، وأما طلب ما يحصل به الثناء من وجه يستحب فذَلِكَ محمود، وَهُوَ طَرِيق إبراهيم عَلَيْهِ الصَّلاة