وَتَوْفِيقِهِ وَنَصْرِهِ وَتَأْيِيدِهِ وَتَسْدِيدِهِ، يِا عِبَادَ اللهِ كَانَ كُبَرَاءُ النَّاس وَسَادَتُهم في الصَّدْرِ الأَوَّلِ أَشَّدُ النَّاسِ ظُهُورًا بِالتَّمَسُّكِ بِالِّدينِ تَقْتَدِي بِهِمْ العَامَّةُ فِي تَوْحِيدِهم وَعِبَادَاتِهِمْ وَمُعَامَلاتِهِمْ، فَانْعَكَسَتْ عَلَيْنَا الآنَ القَضِيَّةُ، وَصَارَ العَامَّةِ أَشَدُّ تَمَسُّكًا بِالدِّينِ، وَأَرْسَى عَقِيدَةً مِنْ أُولَئِكَ، وَأَصْبَحَ كَثِيرٌ مِنَ المُتَعَلِّمِينَ الذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مُثَقَّفُونَ، يَحْمِلُونَ المُؤَهِّلاتِ المَعْرُوفَةِ أزهَدَ النَّاسُ فِي الدِّينِ، وَأَبْعَدَهم عَنْ تَعَاليمِهِ، نَبَذَهُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ كَمَا تُنْبَذُ النَّوَاةُ، لا لأنهُم وَقَفُوا عَلَى عَيْبٍ فِي الدِّينِ، أَوْ هَفْوَةٍ فِي أُصُولِهِ، وَلَكِنَّهُمْ مُقَِّدُونَ فِي هَذَا الضَّلالِ لِقَوْمٍ عَرَفُوا {ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} وَرَأَوْا تَكَاليفَ الدِّينِ وَتَعَاليمَهُ لا تَتَّفِقُ مَعَ شَهَوَاتِهِمْ وَمَلاذِهِمْ، فَاتَّخَذُوا الخُرُوجَ عَنْ تَكَاليفِهِ لِلْحُصُولِ عَلَى مَلاذِ الحَيِاةِ، {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} .
شِعْرًا: ... يَقُولُونُ فِي الإِسْلامِ ظُلْمًا بِأَنَّهُ ... يَصُدّ ذَوِيهِ عِنْ طَرِيقِ التَّقَدُمِ
وَلَوْ كَانَ ذَا حَقًّا فَكََيْفَ تَقَدَّمْتْ ... أَوَائِلُهُ فِي عَهْدِهَا المُتَقَدِّمِ
وَإِنْ كَانَ ذَنْبُ المُسْلِمِ اليوم جَهْلُهُ ... فَمَاذَا عَلَى الإِسْلامِ مِنْ جَهْلِ مُسْلِمِ
هَلْ العِلْمِ فِي الإِسلامِ إلاّ فَرِيضَة ... وَهَلْ أُمَّةٌ سَادَتَ بِغَيْرِ التَّعَلُّمِ
لَقَدْ أَيْقَظَ الإِسْلامْ لِلْمَجْدِ وَالعُلا ... بَصَائِرَ أَقْوَامِ عَنِ المََجْدِ نُوَّمِ
فَأشْرَقَ نُورُ العِلْمِ مِنْ حُجُرَاتِهِ ... عَلَى وَجِهِ عَصْرٍ بِالجَهَالَةِ مُظْلِمِ
وَدَكَّ خُصُونَ الجَاهِلِيِّةِ بِالهُدَى ... وَقَوِّضَ أَطْنَابَ الضَّلالِ المُخَيَّمِ
وَأَنْشَطَ بِالعِلْمِ العَزَائِمِ وَابْتَنَى ... لأَهَلْيَهِ مَجْداً لَيْسَ بَالمُتَهَدِّمِ
وَأَطْلَقَ أَذْهَانَ الوَرَى مِنْ قِيُودِهَا ... فَطَارَتْ بِأَفْكَارٍ عَلَى المَجْدِ حُوَّمِ
وَفَكّ أُسَارَ القَوْمِ حَتَّى تَحَفَّزُو ... نُهُوضًا إِلَى العَلْيَاءِ مِنْ كُلِّ مَجْثِمِ
فَخَلُّوا طَرِيقًا لِلْبَدَاوَةِ مَجْهَلا ... وَسَارُوا بِنَهْجٍ لِلْحَضَارَةِ مُعْلمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute