للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شِعْرًا: ... سُبْحَانَ ذِي الْمَلَكُوتِ أَيَّةُ لَيْلَةٍ ... مَخَضَتْ صَبِيحَتُهَا بِيَوْمِ الْمَوْقِفِ

لَوْ أَنَّ عَيْنًا أَوْهَمَتْهَا نَفْسُهَا ... يَوْمَ الْحِسَابِ تَمَثُّلاً لَم تَطْرُفِ

وانظر ما أشأم تلك الأرباح التي ربحتها وأخسر تلك المعاملات التي ألهتك عن ما خلقت له انظر كيف ذهبت عَنْكَ مسراتها وبقيت حسراتها والشهوات التي في ظلم العباد انْفَذْتَهَا كيف ذهب عَنْكَ الفرح بها وبقيت التبعة.

وانظر هل يقبل منك فدا في ذَلِكَ الموقف الرهيب وما الَّذِي يخلصك من ذَلِكَ السؤال قال الله تبارك وتَعَالَى: {وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا} .

وفي بعض الأخبار يتمنى رِجَال أن يبعث بِهُمْ إلى النار ولا تعرض قبائحهم على الله تَعَالَى ولا تكشف مساوئهم على رؤوس الخلائق، فما ظنك بهَذَا المقام وبهَذَا السؤال وبهَذَا النكال والوبال.

وما ظنك بنفسك وقَدْ جيء بجهنم على الوصف الَّذِي تقدم وقَدْ دنت من الخلائق، وشهقت وزفرت، وثارت وفارت.

ونهض خزانها والموكلون بها، والمعدون لتعذيب أهلها متسارعين إلى أخذ من أمروا بأخذه، ساحبين له على بطنه وحرِّوََجْهِهِ سامعين مطيعين لله {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} .

فتصور حالك وكيف وقَدْ امتلأت القُلُوب خوفًأ ورعبًا وذعرًا وفزعًا، وارتعدت الفرائص، وبلغت القُلُوب الحناجر، واصطفت الأحشا، وتقطعت الأمعاء، وطلبوا الفرار وطاروا لو يحصل لَهُمْ مطار.

وجئت الأمم على الركب وأيقن المذنوبون بالهلاك والعطب وسوؤ المنقلب، ونادى الأنبياء والصديقون والأَوْلِيَاء: نفسي نفسي.

كُلّ نفس قَدْ أفردت لشأنها وتركت لما بها قال الله جَلَّ وَعَلا وتقدس:

<<  <  ج: ص:  >  >>