للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَوْمَ تَأْتِي كُلّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا} ، ,قال تبارك وتَعَالَى: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} وظن كُلّ إنسان أنه هُوَ المأخوذ وأنه هُوَ المقصود والمطلوب، وذهلت العقول وطاشت الألباب، وتحيرت الأذهان، وفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه.

واشتغل بشأنه الَّذِي يهمه ويعنيه، وسئل عن جَمِيع أمره سره وجهره، دقيقه وجليله كثيره وقليله، وسئل عن أعضائه عضوًا عضوًا وجارحة، وعن شكره عَلَيْهَا، وعن أداء حق الله فيها.

وظهرت القبائح وكثرت الفضائح، وبدت المخازي واشتهرت المساوي، وتركك الأَهْل والأقربون، ولم ينفعك مال ولا بنون، وأقبلت تجادل عن نفسك وتخاصم عَنْهَا وتطلب المعاذير لها قال الله جَلَّ وَعَلا: {يَوْمَ تَأْتِي كُلّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا} .

وقَدْ أسلمت وأفردت واشتغل كُلّ إنسان عَنْكَ بنفسه قال الله جَلَّ وَعَلا: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} ، وَقَالَ عز من قائل: {وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا} الآيَة.

وأنشدوا:

خَلِيلِي مَا أَقْضِي وَمَا أَنَا قَائِلٌ ... إِذَا جِئْتُ عَنْ نَفْسِي بِنَفْسِي أُجَادِلُ

وَقَدْ وَضَعَ الرَّحْمَنُ فِي الْخَلْقِ عَدْلَهُ ... وَسِيقَ جَمِيعُ النَّاسِ واليوم بَاسِلُ

وَجِيءَ بِجُرْم النَّارِ خَاضِعَة لَهُ ... وَثُلَّثْ عُرُوشٌ عِنْدَهَا وَمَجَادِلُ

فَيَا لَيْتَ شِعْرِي ذَلِكَ اليوم هَلْ أَنَا ... أَأَغْفَر أَمْ أُجْزَى بِمَا أَنَا فَاعِلُ

فَإِنْ أَكُ مُجْزِيًا فَعَدْلٌ وَحُجَّةٌ ... وَإِنْ يَكُ غُفْرَانٌ فَفَضْلَ وَنَائِلُ

آخر: ... أَلَمْ تَسْمَعْ عَن النَّبَأَ الْعَظِيمِ ... وَعَنْ خَطْبِ خُلِّقَتَ لَهُ جَسِيم

<<  <  ج: ص:  >  >>