للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ قَوِّي إِيمَانِنَا بِكَ وَنَوِّرْ قُلُوبَنَا بِنُورِ الإيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ،

اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ القُلُوب ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ وَأَلْهِمْنَا ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ، وَأَمِّنَّا مَنْ سَطْوَتِكَ وَمَكْرِكَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.

(موعظة) : عباد الله يجب عليكم أن تعلموا أنكم ما دمتم في هذه الدار فأنتم في دار المعاملات، وأن لكم درًا أخرى أبدية، فيها تستوفون مالكم على هذه المعاملات من جزاءات، فإن أحسنتم هنا أو أسأتم، كَانَ جزاؤكم هناك إحسانَا أو إساءات، هكَذَا وعدكم ربكم، وَهُوَ عليم بكل الأعمال، وعلى جزائكم عَلَيْهَا قدير، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} ، وَقَالَ: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} ، وَقَالَ: {يَوْمَ تَأْتِي كُلّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} من هَذَا قاطعًا تعلم أن شأن هذه المعاملات عَظِيم عظمًا لا يعرف قدره إِلا الرجل العاقل، الْبَعِيد النظر الحكيم، فإن عَلَيْهَا يترتب غضب الله وعقابه أو رضاه، والنَّعِيم الْمُقِيم، وشَيْء هَذَا قدره لا يتوقف ولا يتردد في بذل العناية به رجل بصير، وهذه المعاملات تارة تكون بينكم وبين الله، وتارة تكون مع عباد الله، فأما المعاملة مَعَ الله جَلَّ وَعَلا فبأن تسمَعَ وتطيع فيما أمر ونهى، وأما معاملتك مَعَ عباد الله الْمُؤْمِنِين، فبأن تحب لَهُمْ ما تحب لنفسك، وَذَلِكَ بأن تجعل نفسك ميزانَا في معاملة كبيرهم وصغيرهم، أَنْتَ تكره إساءتهم لك وتحب إحسانهم، فاحذر إساءتهم، وعاملهم بالإحسان، وكما تكره أن يمسوا مالك بسوء، فلتكن أموالهم منك في أمان،وكما تكره أن يتعرضوا لأولادك وأهلك وشخصك بشر، فكن لَهُمْ خَيْر حفيظ ونصير، وكما تحب أن يريحوك إذا جاوروك، فأرحهم عَنْدَ مجاورتك لَهُمْ، وكما تحب أن ينصحوك

<<  <  ج: ص:  >  >>