يدركه فناداه يا عَبْد اللهِ إنه لَيْسَ عَلَيْكَ مني بأس فأقام حتى أدركه.
فَقَالَ له: من أَنْتَ يرَحِمَكَ اللهُ قال: فلان بن فلان صَاحِب كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: وما شأنك، فَقَالَ: تفكرت في أمري فعلمت أن ما أَنَا فيه منقطع عني لا محالة وأنه قَدْ شغلني عن عبادة رَبِّي فتركته وجئت هنا أعبد رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ.
فَقَالَ: ما أَنْتَ بأحوج إلى ما صنعت مني فنزل عن دابته فسيبها وإلى ثيابه فألقى بها ثُمَّ أتبعه فكانَا جميعا فدعوا الله تَعَالَى أن يميتهما جميعا فماتا. قال ابن مسعود: ولو كنت برملية مصر لأريتكم قبريهما بالنعت الَّذِي نعت لنا رسول الله ?. رواه أَحَمَد، وأبو يعلى بنحوه.
إِلَى اللهِ أَشْكُو لَوْمَ نَفْسٍ شَحِيحَة ... عَلَى الْخَيْرِ قَدْ أَضْنَى فُؤَادِي عَلاجُهَا
إِذَا سَأَلْتَنِي شَهْوَة قَدْ مَنَعْتُهَا ... أَدَامَتْ سُؤَإلى وَاسْتَمَرَّ لَجَاجُهَا
وَإِنْ سُمْتُهَا خَيْرًا تَفُوزُ بِنَفْعِهِ ... غَدًا نَفَرتْ مِنِّي وَدَامَ انْزِعَاجَهَا
فَقَدْ ضِقْتُ يَا مَوْلايَ ذَرْعًا وَأَظْلَمَتْ ... عَليَّ الأَرَاضِي الْوَاسِعَات فِجَاجُهَا
فَهَبْ لِيَّ يَا نُوار السَّمَاوَاتِ فِطْرَةً ... يُضِيءُ لِعَيْنِي فِي السُّلُوكَ سَرَاجُهَا
وَاللهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَمَ.
فَصْلٌ: ثُمَّ اعْلَمْ أن الدُّنْيَا بأسرها وبجَمِيع لذاتها لا تساوي في باب السعادة واللذة الروحية شَيْئًا قال الإمام علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أصاب الدُّنْيَا من حذرها وأصابت من أمنها، وَقَالَ: الدُّنْيَا لا تصفوا لشارب ولا تبقي لصَاحِب ولا تخلوا من فتنة ولا تنكشف إِلا عن محنة.
فأعرض بقلبك عَنْهَا قبل أن تعرض عَنْكَ واستبدل بها خيرًا منها قبل أن تستبدل بك فإن نعيمها متحول وأحوالها متنقلة ولذاتها فانية وتباعتها باقية.
واعْلَمْ أن مثل الدُّنْيَا كمثل الحية لين مسها قاتل سمها فاقتصد فيما يعجبك فيها لقلة ما يصحبك منها وكن أحذرهر ما تَكُون لها وأَنْتَ آنس بها فإن صاحبها كُلَّما اطمأن منها إلى سرور أشخصه لك مكروه أو غرور.
وَقَالَ آخر: وجملت الأَمْر أنك إذا نظرت بعقلك أيها الرجل فعلمت