للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الدُّنْيَا لا بقاء لها، وأن نفعها لا يفي بضرها وتبعاتها من كد البدن وشغل الْقَلْب في الدُّنْيَا والْعَذَاب الإليمِ والحساب الطويل في الآخِرَة الَّذِي لا طاقة لك به.

فإذا علمت ذَلِكَ جدًا زهدت في فضول الدُّنْيَا فلا تأخذ منها إِلا ما لا بدًا لك منه في عبادة ربك وتدع التنعم والتلذذ إلى الْجَنَّة دار النَّعِيم الْمُقِيم في جوار رب العالمين الملك القادر الغني الكريم وعلمت أن الخلق لا وفاء لَهُمْ. قال الواصف لحال أَهْل وقته:

غَاضَ الْوَفَاءُ فَمَا تَلْقَاهُ فِي عِدَّةٍ ... وَأَعُوذُ الصِّدْقَ فِي الأَخْبَار وَالْقسم

وعلمت أن مؤنة الخلق أكثر من معونتهم فيما يعنيك وتركت مخالطتهم إِلا فيما لا بد لك منه تنتفع بخيرهم وتجتنب من ضرهم وتجعل صحبتك لمن تربح في صحبته ولا تخسر ولا تندم على خدمته وأنسك بكتابه وملازمتك إياه.

فَشَمِّرْ وَلُذْ بِاللهِ وَاحْفَظْ كِتَابَهُ ... فَفِيهِ الْهُدَى حَقًّا وَلِلْخَيْرِ جَامِعُ

هُوَ الذَّخْرُ لِلْمَلْهُوفِ وَالْكَنْزُ وَالرَّجَا ... وَمِنْهُ بِلا شَكٍّ تُنَالُ الْمَنَافِعُ

بِهِ يَهْتَدِي مَنْ تَاهَ فِي مُهِمَّهِ الْهَوَى ... بِهِ يَتَسَلَّى مَنْ دَهَتْهُ الْفَجَائِعُ

فتَرَى منه كُلّ جميل وإفضال وتجده عَنْدَ كُلّ نائبة في الدُّنْيَا والآخِرَة كما في الْحَدِيث: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك» . وفي رواية: «تجده أمامك، تعرف إِلَى اللهِ في الرخاء يعرفك في الشدة» . الْحَدِيث.

واعْلَمْ أن الشيطان خبيث قَدْ تجرد لمعادتك فاستعذ بربك القادر القاهر من هذا الكلب اللعين ولا تغفل عن مكائده فتطرده بذكر الله والاستعاذة من شره.

فإنه يسير إذا ظهرت منك عزيمة صادقة وأنه كما قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} نسأل الله أن يوفقنا للعمل بكتابه وسنة رسوله ?.

<<  <  ج: ص:  >  >>