.. بِمَلْمُومَةٍ فِيهَا السَّنَوَّرُ والقَنَا ... إِذَا ضَرَبُوا أَقْدَامَها لا تورّعُ
فجئنَا إلى مَوجٍ من الْبَحْرِ وَسْطَهُ ... أَحَابِيشُ مِنْهُمْ حَاسِرٌ وَمقنّعُ
ثَلاثةُ آلافٍ وَنَحْنُ عِصَابَة ... ثَلاَثُ مِئينٍ إنْ كَثُرْنَا فَأَرْبعُ
نُغَوِرُهُم تجري الْمنيّةُ بَيْنَنَا ... نُشارِعُهُمْ حوضَ الْمَنَايا ونَشْرَعُ
تَهَادَى قِسِيُّ النبعِ فينا وفيهِمُ ... وَمَا هو إلاَّ اليَثْرِبيُّ المُقَطَّعُ
ومَنْجُوفةٌ حِرْمِيَّةٌ صَاعِديَّةٌ ... يُذَرُّ عليها السّمُّ سَاعةَ تَصْنَعُ
تَصُوبُ بأَبْدَانِ الرّجَالِ وَتَارَةً ... تمرُّ بأَعراضِ البَصَارِ تَقَعْقَعُ
وقال حسان بن ثابت:
عَرَفتَ دِيارَ زَينَبَ بِالكَثيبِ ... كَخَطِّ الوَحَى في الورَق القَشيبِ
تَداوَلها الرِياحُ وَكُلُّ جَونٍ ... مِنَ الوَسمِيِّ مُنهَمِرٍ سَكوبِ
فَأَمسى رَسمُها خَلَقًا وَأَمسَت ... يَبابًا بَعدَ ساكِنِها الحَبيبِ
فَدَع عَنكَ التَذَكُّرَ كُلَّ يَومٍ ... وَرُدَّ حَرارَةَ الصَدرِ الكَئيبِ
وَخَبِّر بِالَّذي لا عَيبَ فيهِ ... بِصِدقٍ غَيرِ إِخبارِ الكَذوبِ
بِما صَنَعَ المَليكُ غَداةَ بَدرٍ ... لَنا في المُشرِكينَ مِنَ النَصيبِ
غَداةَ كَأَنَّ جَمعَهُمُ حِراءٌ ... بَدَت أَركانُهُ جُنحَ الغُروبِ
فَلاقَيناهُمُ مِنّا بِجَمعٍ ... كَأُسدِ الغابِ مُردان وَشيبِ
أَمامَ مُحَمَّدٍ قَد وازَرورهُ ... عَلى الأَعداءِ في لفح الحُروبِ
بِأَيديهِم صَوارِمُ مُرهَفاتٌ ... وَكُلُّ مُجَرَّبٍ خاطي الكُعوبِ
بَنو الأَوسِ الغَطارِفِ آزَرَتها ... بَنوا النَجّارِ في الدينِ الصَليبِ
فَغادَرنا أَبا جَهلٍ صَريعًا ... وَعُتبَةَ قَد تَرَكنا بِالجَبوبِ
وَشَيبَةَ قَد تَرَكنا في رِجالٍ ... إِذا نَسَبُوا ذَوي حَسَبٍ حَسيبِ