للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلْ الْوَاجِبُ لَهُ عَلَيْهِمْ: أَنْ يَثْبُتُوا عَلَى دِينِهِ، وَتَوْحِيدِهِ، وَيَمُوتُوا عَلَيْهِ، أَوْ يُقْتَلَوا، فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يَعْبُدُونَ رَبَّ مُحَمَّدٍ ?، وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، فَلَوْ مَاتَ مُحَمَّدٌ أَوْ قُتِلَ لا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَصْرِفَهُمْ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَمَا جَاءَ بِهِ فَكُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ.

وَمَا بَعَثَ اللهُ مُحَمَّدًا ? إِلَيْهِمْ لِيُخَلَّدَ لا هُوَ وَلا هُمْ، بَلْ لِيَمُوتُوا عَلَى الإِسْلامِ وَالتَّوْحِيدِ، فَإِنَّ الْمَوْتَ لا بُدَّ مِنْهُ، سَوَاءٌ مَاتَ رَسُولُ اللهِ ? أَوْ بَقِيَ وَلِهَذَا وَبَّخَهُمْ عَلَى رُجُوعِ مَنْ رَجَعَ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ لَمَّا صَرَخَ الشَّيْطَانُ بِأَنَّ: مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَقَالَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} .

وَالشَّاكِرُونَ هُمْ الذِينَ عَرَفُوا قَدْرَ النِّعْمَةِ فَثَبَتُوا عَلَيْهَا حَتَّى مَاتُوا أَوْ قُتِلُوا، فَظَهَرَ أَثَرُ هَذَا الْعِتَابِ وَحُكْمُ هَذَا الْخِطَابِ يَوْمَ مَاتَ رَسُولُ الله ? وَارْتَدَّ مَنْ ارْتَدَّ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَثَبَتَ الشَّاكِرُونَ عَلَى دِينِهِمْ، فَنَصْرَهُمُ اللهُ وَأَعَزَّهُمْ وَأَظْفَرَهُمْ بَأَعْدَائِهِمْ وَجَعَلَ الْعَاقِبَةَ لَهُمْ.

ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ نَفْسٍ أَجَلاً لا بُدَّ أَنْ تَسْتَوِفِيَهُ تَنَوَّعَتْ أَسْبَابُهُ، وَيَصْدُرُونَ عَنْ مَوْرِدِ الْقِيَامَةِ، مَصَادِرَ شَتَّى، فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ.

ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ جَمَاعَةً كَثِيرَةً مِنْ أَنْبِيَائِهِ قُتِلُوا، وَقُتِلَ مَعَهُمْ أَتْبَاعٌ لَهُمْ كَثِيرُونُ، فَمَا وَهَنَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ، لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا ضَعَفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَمَا وَهَنُوا عِنْدَ الْقَتْلِ، وَلا ضَعُفُوا وَلا اسْتَكَانُوا، بَلْ تَلَقُوا الشَّهَادَةَ بِالْقُوةِ وَالْعَزِيمَةِ وَالإِقْدَامِ، فَلَمْ يَسْتَشِهَدُوا مُدْبِرِينَ مُسْتَكِينِينَ أَذِلَّةً

<<  <  ج: ص:  >  >>