أَرَاكُمْ تَجْمَعُونَ مَالاً تَأْكُلُونَ وَتُبْنُونَ مَالا تَسْكُنُونَ وَتُؤْمَّلُونَ مَالا تَبْلُغُونَ.
لَقَدْ جَمَعَتِ الأَقْوَامُ الَّتِي قَبْلَكُمْ وَأَمَّلَتْ فَمَا هُوَ إِلا قَلِيلٌ حَتَّى أَصْبَحَ جَمْعُهم بُوراً وَأَمْلُهُمْ غُرُوراً وَبُيُوتُهم قُبُوراً هَذِهِ عَادٌ يَا أَهْلَ دِمَشْق قَدْ مَلأَتْ الأَرْضَ مَالاً وَوَلَداً فَمَنْ يَشْتَرِي مِنِّي تِركةَ عَادٍ بِدِرْهَمَيْنِ.
فَجَعَلَ النَّاسُ يَبْكُونَ حَتَّى سُمِعَ نَشِيجُهم مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ.
وَمُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْمِ طَفِقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَؤُمُّ مَجَالِسَ الْقَوْمِ فِي دِمَشْقَ وَيُطُوفُ أَسْوَاقَهُمْ فَيُجِيبُ السَّائِلَ وَيُعَلِّمُ الْجَاهِلَ وَيُنَبّهُ الْغَافِلَ مُغْتَنِماً كُلَّ فُرْصَةٍ مُسْتَفِيداً مِنْ كُلِّ مُنَاسَبَةٍ.
وَمَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِجَمَاعَةٍ قَدْ تَجَمْهَرُوا عَلَى رَجُل وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ وَيَشْتِمُونَهُ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: مَا الْخَبَرُ؟ قَالُوا: رَجُلٌ وَقَعَ فِي ذَنْبٍ كَبِيرٍ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ أَفَلا تَكُونُوا تَسْتَخرجُونَه مِنْهُ؟ قَالُوا: بَلَى.
قَالَ: لا تَسُبُّوهُ ولا تَضْرِبُوهُ وِإِنَّمَا عِظُوهُ وَبَصِّرُوهُ وَاحْمِدُوا اللهِ الذِي عَافَاكُمْ مِنْ الْوُقُوعِ فِي ذَنْبِهِ، قَالُوا: أَفَلا تُبْغِضُهُ؟ قَالَ: إِنَّمَا أُبْغِضُ فِعْلَهُ فَإِذَا تَرَكَهُ فَهُوَ أَخِي فَأَخَذَ الرَّجُلُ يَنْتَحِبُ وَيُعْلِنُ تَوْبَتَهُ.
وَجَاءَ شَابٌّ إِلى أَبِي الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ أَوْصِنِي فَيَقُولُ لَهُ: يَا بُنَيَّ اذْكُرِ اللهَ فِي السَّرَّاءِ يَذْكُرْكَ فِي الضَّرَّاءِ يَا بُنِيَّ كُنْ عَالِماً أَوْ مُتَعَلِّماً أَوْ مُسْتَمِعاً وَلا تَكُنْ الرَّابعَ فَتَهْلَكَ.
يَا بُنَيَّ لِيَكُنْ الْمَسْجَدُ بَيْتُكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْمَسَاجِدُ بَيْتُ كُلِّ تَقِيّ وَقَدْ ضَمِنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute