لِمَنْ كَانَتْ الْمَسَاجِدُ بُيُوتُهُمْ الرَّوْحَ وَالرَّحْمَةَ وَالْجَوَازَ - أي الْمُرُورَ - عَلَى الصِّرَاطِ إِلى رِضْوَانِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَفِي أَثْنَاءِ إِقَامَةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِدِمَشْق بَعثَ إِلَيْهِ وَإِلَيْهَا مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ يَخْطُبُ ابْنَتَهُ الدَّرْدَاءَ لابْنِهِ يَزْيدَ فَأَبَى أَنْ يُزَوِّجَهَا لَهُ وَأَعْطَاهَا لِشَابٍّ مِنْ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ رَضِيَ دِينَه وَخَلَقَهُ.
فَسَارَ ذَلِكَ فِي النَّاسِ وَجَعَلُوا يَقُولُونَ: خَطَبَ يَزِيدُ بنُ مُعَاوِيَةَ بِنْتَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَرَدَّهُ وَزَوَّجَهَا لِرَجُلٍ مِنْ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ.
فَسَأَلَ أَبَا الدَّرْدَاءِ سَائِلٌ عَنْ سَبَبٍ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّمَا تَحَرَّيْتُ فِيمَا صَنَعْتُهُ صَلاحَ أَمْرِ الدَّرْدَاءِ فَقَالَ السَّائِلُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: مَا ظَنُّكُمْ بِالدَّرْدَاءِ إِذَا قَامَ بَيْنَ يَدَيْهَا الْعَبِيدُ يَخْدِمُونَهَا وَوَجَدَتْ نَفْسَها فِي قُصُورٍ يَخْطِفُ لألأؤُهَا الْبَصَرَ أَيْنَ يُصْبِحُ دِينُهَا يَوْمَئِذٍ.
وَفِي خَلالِ وُجُودِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي بِلادِ الشَّامِ قَدِمَ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِِنينَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّاب مُتَفَقّداً أَحْوَالَهَا فَزَارَ صَاحِبَهُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِي مَنْزِلِهِ لَيْلاً فَدَفَعَ الْبَابَ فَإِذَا لَيْسَ غَلَقٌ فَدَخَل فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ لا ضَوْءَ فِيهِ.
فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو الدَّرْدَاءِ حِسَّهُ قَامَ إِلَيْهِ وَرَحَّبَ بِهِ وَأَجْلَسَهُ وَأَخَذَ الرَّجُلانِ يَتَفَاوَضَانِ الأَحَادِيثَ وَالظَّلامُ يَحْجِبُ كُلاً مِنْهُمَا عَنْ عَيْنَيْ صَاحِبِهِ.
فَجَسَّ عُمَرُ وِسَادَةَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَإِذَا هِيَ بَرْذَعَةٌ - كِسَاءٌ يُلْقَى عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ - وَجَسَّ فِرَاشَهُ فَإِذَا هُوَ حَصَى وَجَسَّ دِثَارَهُ - غِطَاءَهُ - فَإِذَا هُوَ كِسَاء رَقِيقٌ لا يَقِي شَيْئاً فِي الْبَرْدِ فِي دِمَشْقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute