وَقَالَ اللَّهُمَّ قد أذقت أول قريش نكالاً فأذق آخرهم توالاً وأتته هند بنت عتبة وقد بقرت بطن عمه حمزة ولاكت كبده فصفح عنها وأعطاها يده لبيعتها.
فإن قِيلَ فقد ضرب رقاب بني قريظة صبراً في يوم واحد وهم نحو سبعمائة فأين موضع العفو والصفح قيل إنما فعل ذلك في حقوق الله تعالى.
وقد كانت بنو قريظة رضوا بتحكيم سعد بن معاذ عليهم فحكم أن من جرت عليه الموسى قتل ومن لم تجر عليه استرق فَقَالَ رَسُولِ اللهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هذا حكم الله من فوق سبعة أرقعة، فلم يجز أن يعفو عن حق وجبَ لله تعالى وإنما يختص عفوه بحق نفسه.
والخصلة السادسة: حفظه للعهد ووفاؤه بالوعد فإنه ما نقض لمحافظ عهداً ولا أخلف لمراقب وعداً يرى الغدر من كبائر الذنوب والإخلاف من مساويء الشيم فيلتزم فيها الأغلظ ويرتكب فيهما الأصعب حفظاً لعهده ووفاء بوعده حتَّى يبتدئ معاهدوه بنقضه فيجعل الله تعالى له مخرجاً كفعل اليهود من بني قريظة وبني النضير وكفعل قريش بصلح الحديبية فيجعل الله تعالى له في نكثهم الخيرة.
فهذه ست خصال تكاملت في خلقه، فضله الله تعالى على جميع خلقه والله أعلم وَصَلَّى اللهُ عَلَى نِبِيّنا مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
(فَصْلٌ) وأما الوجه الثالث في فضائل أقواله فمعتبر بثمان خصال:
(إحداهن) : ما أوتي من الحكمة البالغة، وأعطى من العلوم الجمة