(فصل) والخصلة الخامسة: تصديه لمعالم الدين ونوازل الأحكام حتَّى أوضح للأمة ما كلفوه من العبادات وبين لهم ما يحل وما يحرم من مباحاث ومخظورات وفصل لهم ما يجوز ويمتنع من عقود ومناكح ومعاملات.
حتَّى احتاج أهل الكتاب في كثير من معاملاتهم ومواريثهم لشرعه ولم يحتج شرعه إلى شرع غيره ثم مهد لشرعته أصولا تدل على الحوادث المغفلة ويستنبط لها الأحكام المعللة فأغنى عن نص ارتفاعه وعن التباس بعد إغفاله ثم أمر الشاهد أن يبلغ الغائب ليعلم بإنذاره ويحتج بإظهاره فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بلغوا عني ولا تكذبوا علي فرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه إلى منه هو أفقه منه» .
فأحكم ما شرع من نص أو تنبيه وعم بما أمر من حاضر وبعيد حتَّى صار لما تحمله من الشرع مؤدياً ولما تقلده من حقوق الأمة موفيًا لئلاً يكون في حقوق الله زلل وذلك في برهه من زمانه لم يستوف تطاول الاستيعاب حتَّى أوجز وأنجز وما ذاك إلا بديع معجز.
والخصلة السادسة: انتصابه لجهاد الأعداد وقد أحاطوا بجهاته وأحدقوا بجنباته وهو في قطب مهجور، وعدد محقور فزاد به من قل وعز به من ذل وصار بإثخانه في الأعداء محذورًا وبالرعب منه منصوراً فجمع بين التصدي لشرع الدين حتَّى ظهر وانتشر وبين الانتصاب لجهاد العدو حتَّى قهر وانتصر والجمع بينهما معوز إلا لمن أمده الله بمعونته وأيده بلطفه والمعوز معجز.
والخصلة السابعة: ما خُصَّ به من الشجاعة في حروبه والنجدة في