مصابرة عدوة فإنه لم يشهد حرباً في فزاع إلا صابر حتَّى انجلت عن ظفر أو دفاع وهو في موقفه لم يزل عنه هرباً ولا حاز فيه رغباً.
بل ثبت بقلب آمن وجأش ساكن قد ولى عنه أصحابه يوم حنين حتَّى بقي بازاء جمع كثير وجم غفير في تسعةٍ من أهل بيته وأصحابه على بغلة مسبوقة إن طلبت غير مستعدة لهرب ولا طلب وهو ينادي أصحابه ويظهر نفسه ويقول إلى عباد الله «أنا النبي لا كذب أنا بن عبد المطلب» فعادوا أشدادا وأرسالا وهوازن تراه وتحجم عنه فما هاب حرب من كاثرة ولا انكفأ عن مصاولة من صابره والله أعلم وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وسَلّم.
(فصل) وقد عضده الله تعالى بأنجاد وأنجاد فانحازوا وصبر حتَّى أمده الله بنصره وما لهذه الشجاعة من عديل ولقد طرق المدينة فزع فانطلق الناس فتلقوه نحو الصوت فوجدوا رَسُولِ اللهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد سبقهم إليه فتلقوه عائداً على فرس عري لأبي طلحة الأنصاري وعليه السيف فجعل يقول أيها الناس لم تراعوا لم تراعوا ثم قَالَ لأبي طلحة إنا وجدنا بحراً وكان الفرس يبطئ فما فرس بعد ذلك.
وما ذاك إلا عن ثقة من أن الله تعالى سينصره وأن دينه سيظهره تحقيقاً لقوله تعالى:{لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} وتصديقاً لقول رَسُولِه اللهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها» وكفى بهذا قياماً بحفه وشاهداً على صدقه.
والخصلة الثامنة: ما منح من السخاء والجود حتَّى جاد بكل موجودٍ