ألف عبد من عبيدِهِ سوى بني عمه من حمير وذي ظليم وذي زود وذي مران وذي عمرو وغيرهم كلهم ملوك متوجون في بلادهم.
هذا كله أمر لا يجهله أحد من حملة الأخبار بل هو منقول كنقل كون بلادهم في مواضعها وهكذا كان إسلام جميع العرب أولاهم كالأوس والخزرج ثم سائرهم قبيلة إنما ثبت عندهم من آياته وبهرهم من معجزاته وما اتبعه الأوس والخزرج إلا وهو فريد نابذه قومه حسداً له.
إذ كان فقيراً يتيماً أمياً لا يقرأ ولا يكتب نشأ في بلاد الجهل والجاهلية يرعى غنم يتقوت بها فعلمه الله تعالى الحكمة دون معلم وعصمه من كل أراده بلا حرس وبلا حاجب ولا بواب ولا قصر يمتنع فيه على كثرة من أَرَادَ قتله من شجعان العرب وفتاكهم كعامر بن الطفيل وأربد بن جزء وغورث بن الحارث وغيرهم مع أقرار أعدائه بنبوته كمسيلمة وسجاح وطليحة والأسود وهو مكذب لهم فهل بعد هذا برهان أو أنذر الأنصار بالأثرة عليهم بعده وتابعوه على الصبر على ذلك.
قام له أصحابه على قدم فمنعهم وأنكر ذلك عليهم وأعلمهم أن القيام لله تعالى لا لخلقه ورضوا بالسجود له فاستعظم ذلك وأنكره إلا لله وحده.
ولا شك في أن هذه ليست صفة طالب دنيا قط أصلاً ولا صفة راغب في غلبة ولا بعد صوت بل هذه حقيقة النبوة الخالصة لمن كان له أدني فهم.