للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِي الشَّرِيفِ فِي الْمَدِينَةِ فَدَخَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِي فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلا قَامَ.

فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ لَمْ يَقُمْ.

قَالَ الْمُسَيب بن زهير: قُمْ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: إِنَّمَا يَقُومُ النَّاسُ لِرّبِّ الْعَالَمِينَ.

فَقَالَ الْمَهْدِي: دَعْهُ فلَقَدْ قَامَتْ كُلُّ شَعْرَةٍ فِي رَأْسِي.

فَهَكَذَا الْعُلَمَاءُ الْمُخْلَصُونَ الَّذِينَ يَحْفَظُ اللهُ بِهُمْ الإِسْلامَ وَيَرْفَعُ اللهُ بِهُمْ الْمُسْلِمِينَ.

تَأَمَّلْ يَا أَخِي هَلْ يُوَجَدُ فِي زَمَنِنَا مِثْلَ هَؤُلاءِ مَا أَظُنُّ يُوَجَدُ وَلا رَقَم ثَلاثَة لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ.

فَإِنْ قُلْتُ زَنْدَ الْعِلْمِ كَابٍ فَإِنَّمَا ... كَبَى حَيْثُ لَمْ تُحْمَى حِمَاهُ وَأَظْلَمَا

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوُه صَانَهُمُ ... وَلَوْ عَظَّمُوُه فِي النُّفُوسِ لَعُظِّمَا

وَلَكِنْ أَهَانُوُه فَهَانُوا وَدَنَّسُوا ... مَحْيَاهُ بِالأَطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَمَا

وَاللهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

عَنْ جَعْفَر بن يَحْيَى بن خَالِد الْبَرْمَكِيّ قَالَ: مَا رَأَيْنَا فِي الْقُرَاءِ أَحَدًا مِثْلَ عِيْسَى بن يُونس أَرْسَلْنَا إِلَيْه فَأَتَانَا بِالرِّقَةِ فَاعْتل قَبْل أَنْ يَرْجِعَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَمْرو وَقَدْ أَمَرَ لَكَ بِعَشرة آلاف فَقَالَ: هِيَ فَقُلْتُ خمسون ألفًا، قَالَ: لا حَاجَة لي فيها، فَقُلْتُ: لِمَ وَاللهِ لأهنئنكها هِيَ وَاللهِ مائة ألف.

قَالَ: لا وَاللهِ لا يُتَحَدثُ أَهْل الْعِلْمِ أَنَّي أَكَلْتُ لِلسُّنَّةِ ثَمَنًا، أَلا كَانَ هَذَا قَبْل أَنْ تُرْسِلُوا إِلَيَّ، فَأَمَّا عَلَى الْحَدِيثِ فَلا وَاللهِ وَلا شَرابة مَاء وَلا هليلجة.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمُرْوَزِيّ سَمِعْتُ أحمد بن حَنْبَل وَذَكَرَ وَرَعَ عَيْسَى بن يُونُس، قَالَ: قَدِمَ فَأُمِرَ لَهُ بِمَائَةِ أَلْفٍ أَوَ قَالَ بِمَالٍ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَتَدْرِي ابْن كَمْ كَانَ عِيسَى أَرَادَ أَنَّهُ كَانَ حَدَثَ السِّنّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>