للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ لَهُ: اسمَعَ مَا أَقُول لَكَ. ثُمَّ دخل على هارون الرشيد فَقَالَ لَهُ: إني مررت على شيخ يلقط النوى، فَقُلْتُ: تنح عَنْ الطَرِيق يَا شيخ. فرفع رأسه فرأى العود " أي عود الغنا " فأخذه وضرب به الأَرْض.

فغضب هارون واستشاط واحمرت عَيْنَاهُ فَقَالَ سُلَيْمَانٌ بن جعفر: مَا هَذَا الْغَضَب يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إبعث إلى صَاحِب الربع يضرب عنقه ويرمي به فِي دجلة فَقَالَ: لا ولكن نَبْعَث إليه فنناظره أَوَّلاً.

قَالَ: فبعث إليه فَجَاءَهُ الرَّسُول فَقَالَ: أجب أَمِير الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ نعم. قَالَ: أركب. قَالَ: لا فَجَاءَ يمشي حَتَّى أوقف على باب القصر فَقِيلَ لهارون: قَدْ جَاءَ الشَّيْخ.

فَقَالَ لنداماه: أي شَيْء ترون نرفع من مَا قدامنا من الْمُنْكَر حَتَّى يدخل الشَّيْخ أَوْ تَقُوم إلى مجلس آخر لَيْسَ فيه منكر. فَقَالُوا: نقوم إلى مجلس آخر لَيْسَ فيه منكر فقاموا صغرة إلى مجلس لَيْسَ فيه منكر.

ثُمَّ طلب الشَّيْخ فأدخل وفي كمه الكيس الَّذِي فيه النوى (أي الفصم) فَقَالَ لَهُ الخادم أَخْرَجَ هَذَا وادخل على أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: من هَذَا عشائي اللَّيْلَة. قَالَ: نَحْنُ نعشيك. قَالَ: لا حَاجَة لي فِي عشاكم.

فَقَالَ لَهُ هارون: أي شَيْء تريد منه؟ فَقَالَ فِي كمه نوى فَقُلْتُ لَهُ: اطرحه وادخل على أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: دعه لا تطرحه فدخل على هارون وجلس.

فَقَالَ هارون: يَا شيخ مَا حَمَلَكَ على مَا صنعت؟ قَالَ: وأي شَيْء صنعته؟ وجعل هارون يستحي أن يَقُولُ كسرت عودنا.

فَلَمَّا أَكْثَر عَلَيْهِ فَقَالَ الشَّيْخ لهارون: إني سمعت آباءك وأجدادك يقرءون هَذِهِ الآيَة على المنبر: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ} ورَأَيْت منكرًا فغيرته.

<<  <  ج: ص:  >  >>