للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويختار الكلام مَعَ ولي الأَمْر من سلطان أَوْ غيره فِي الْخُلْوَة على الكلام معه لا على رؤوس الأشهاد.

بل يود لو كلمه سرًا وحده ونصحه خفية من غير حضور ثالث لهما ويكره أن يُقَالَ عَنْهُ أَوْ يحكي مَا اتفق لَهُ.

ويكره أن يشتهر بذَلِكَ بين العامة بل لو أثر كلامه وغير المنكر بقوله ثُمَّ اشتهر عِنْدَ النَّاس نسبة ذَلِكَ إلى غيره لما شق عَلَيْهِ.

ذَلِكَ إِذَا علم الله بحَقِيقَة الحال كفاية وَهُوَ المجازي كُلّ أحد بعلمه.

ويكون قصده زَوَال الْمُنْكَر على أي وجه كَانَ ولو حصل لَهُ مَعَ زواله ازدراء وتنقص وسب وتغليظ كلام وذم بين النَّاس أَوْ إعراض وهجر ممن عادته الْمَوَدَّة لَهُ والإقبال عَلَيْهِ ونحو ذَلِكَ من الأَحْوَال التي تكرهها النُّفُوس وتنفر مَنْهَا الطباع.

فهذه كُلّهَا من علامَاتَ الإِخْلاص وحسن الْقَصْد وابتغاء وجه الله تَعَالَى والدار الآخِرَة.

وأما غير المخلص فبضد ذَلِكَ فيرى عِنْدَ نَفْسهُ نَشَاطًا إلى هَذَا الْفِعْل وإقبالا عَلَيْهِ وَسُرُورًا به ويحب أن يكون جهرًا فِي ملاء النَّاس لا سرًا ويحب أن يحكى عَنْهُ ذَلِكَ وأن يشتهر به وأن يحمد عَلَيْهِ.

حتى أَنَّهُ لو نسب إِزَالَة الْمُنْكَر إلى غيره لقامت قيامته بل تجده ينقضي عمره وَهُوَ يحكي مَا اتفق لَهُ وَمَا قَالَ وَمَا قيل لَهُ متبجحًا بذَلِكَ بين أقرانه وزملائه وأبناء جنسه وَرُبَّمَا زَادَ فِي الْقِصَّة ونقص.

ولو سبقه غيره إلى مَا كَانَ هُوَ قَدْ عزم عَلَيْهِ من ذَلِكَ وَرَجَعَ السُّلْطَان إلى قوله لثقل ذَلِكَ وشق عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>