للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحق والتواصي بالصبر وَأَخِيَّة ذَلِكَ وقاعدته وساقه الَّذِينَ يقوم عَلَيْهِ إنما هُوَ الصبر.

ومنها: أنه سُبْحَانَهُ خص أهل الميمنة بأنهم أهل الصبر والمرحمة الَّذِينَ قامت بِهُمْ هاتان الخصلتان ووصوا بها غيرهم فقَالَ تَعَالَى {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} .

وقَالَ: الإنسان لا يستغنى عَنْ الصبر فِي حال من الأحوال فإنه بين أمر يجب عَلَيْهِ امتثاله وتنفيذه، ونهي يجب عَلَيْهِ اجتنابه وتركه، وقَدْ يجري عَلَيْهِ اتفاقًا، ونعمة يجب شكر المنعم عَلَيْهَا، وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الأحوال لا تفارقه، فالصبر لازم إِلَى الْمَمَات.

شِعْرًا: ... كُلُّ الْمَصَائِبِ قَدْ تَمُرُّ عَلَى الْفَتَى ... فَتَهُونُ غَيْرَ مُصِيبَةٍ فِي الدِّينِ

آخر: ... هَوِّنْ عَلَيْكَ فَكُلُّ الأَمْرِ يَنْقَطِعُ ... وَخَلِّ عَنْكَ عِنَانَ الْهَمِّ يَنْدَفِعُ

فَكُلُّ هَمٍّ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ فَرَجٌ ... وَكَلُّ أَمْرٍ إِذَا ما ضَاقَ يِتَّسِعُ

إنَّ الْبَلاءَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِهِ ... فَالْمَوْتُ يَقْطَعُهُ أَوْ سَوْفَ يَنْقَطِعُ

اللَّهُمَّ نور قلوبنا بنور الإِيمَان وثبتها على قولك الثابت فِي الحياة الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَة وَاجْعَلْنَا هداة مهدتين وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ وألحقنا بعبادك الصالحين يَا أكرم الأكرمين ويا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلّى اللهُ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين

" فَصْلٌ "

وكَانَ ما يلقى الْعَبْد فِي هَذِهِ الدار لا يخلو من نوعين: أحدهما يوافق هواه ومراده، والآخر مخالفه وَهُوَ محتاج إِلَى الصبر فِي كُلّ منهما، أما النوع الموافق لغرضه: فكالصحة والسلامة والجاه والْمَال وأنواع الملاذ المباحة وَهُوَ أحوج شَيْء إِلَى الصبر فيها من وجوه:

أحدهما: أن لا يركن إليها ولا يغتر بها ولا تحمله على البطر والأشر والفرح المذموم الَّذِي لا يحبه الله وأهله.

<<  <  ج: ص:  >  >>