للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانى: أن لا ينهمك فِي نيلها ويبالغ فِي استقصائها فَإِنَّهَا تنقلب إِلَى أضدادها. فمن بالغ فِي الأكل والشرب والجماع انقلب ذَلِكَ إِلَى ضده وحرم الأكل والشرب والجماع.

الثالث: أن يصبر على أداء حق الله فيها ولا يضيعه فيسلبها.

الرابع: أن يصبر عَنْ صرفها فِي الحرام، فلا يمكن نَفْسهُ من كُلّ ما تريده مَنْهَا فَإِنَّهَا توقعه فِي الحرام، فَإِنَّ احترز كُلّ الاحتراز أوقعته فِي المكروه، ولا يصبر على السراء إلا الصديقون. وقَالَ عبد الرحمن بن عوف رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر.

ولِذَلِكَ حذر الله عباده من فتنة الْمَال والأزواج والأولاد فقَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ} وقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} .

ولَيْسَ المراد من هَذِهِ العداوة ما يفهمه كثير من النَّاس، إنها عداوة البغضاء والمحادة بل، إنما هِيَ عداوة المحبة الصادة للأباء عَنْ الهجرة والجهاد وتعلم العلم والصداقة وغير ذَلِكَ من أمور الدين وأعمال البر.

كما فِي جامَعَ الترمذى، مِنْ حَدِيثِ إسرائيل حدثنا سماك عَنْ عكرمة عن ابن عباس وسأله رجل عَنْ هَذِهِ الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} قَالَ: هؤلاء رِجَال أسلموا من أهل مَكَّة فأرادوا أن يأتوا النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم أن يأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فَلَمَّا أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأوا النَّاس قَدْ فقهوا فِي الدين هموا أن يعاقبوهم فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} الآية. قَالَ الترمذى: هَذَا حديث حسن صحيح.

وما أكثر ما فات الْعَبْد من الكمال والفلاح بسبب زوجته وولده وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>