للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موعدنا، وعلى جهنم طريقنا وبين يدي الله موقفنا، وَهَذَا منه بيانٌ عَنْ الخائفين بحسب حاله رَحِمَهُ اللهُ.

شِعْرًا:

وَمَا مَن يَخَافُ الْبَعْثَ وَالنَّارَ آمِنٌ ... وَلَكِنْ حَزِينٌ مُوجَعُ الْقَلْبِ خَائِفُ

إِذَا مَرَّ ذِكْرُ الْمَوْتِ أَوْجَعَ قَلْبَهُ ... وَهَيَّجَ أَحْزَانًا ذُنُوبٌ سَوَالِفُ

ومر الحسن البصري رَحِمَهُ اللهُ بشاب وَهُوَ مستغرق فِي ضحكه جالس مَعَ قوم فقَالَ لَهُ الحسن: يَا فتى هل مررت بالصراط؟ قَالَ: لا. فقَالَ: فهل تدري إِلَى الْجَنَّة تصير أم إِلَى النار؟ قَالَ: لا. قَالَ: فما هَذَا الضحك. قَالَ: فما رُؤِيَ ذَلِكَ الفتى بعدها ضاحكًا.

وَرُوِيَ عَنْ ميسرة ابن أبي ميسرة أنه كَانَ إِذَا أوى إِلَى فراشه يَقُولُ: يَا ليتني لم تلدني أمي. فقَالَتْ لَهُ أمه حين سمعته: يَا ميسرة إن الله قَدْ أحسن إليك، هداك للإسلام. قَالَ: أجل ولكن الله قَدْ بين لَنَا أَنَا واردون عَلَى النَّارِ، ولم يبين لَنَا أَنَّا صادرون عَنْهَا. أي لا جزم عنده أنه من المتقين الناجين فلذا اشتد خوفه مَنْهَا.

وكَانَ عطاء السلمي من الخائفين، وقِيْل لَهُ فِي مرضه: ألا تشتهى شَيْئًا. فقَالَ: إن خوف جهنم لم يدع فِي قلبي مَوْضِعًا للشهوة.

وقِيْل لبَعْضهمْ: لماذا إِذَا وعظ بَعْض النَّاس خَوَّفَ وأبكى، وبَعْضهمْ يتكلم ويبكي ويخوف ولا يبكون، فقَالَ: لَيْسَتْ النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة.

وحكى أن قومًا وقفوا بعابدٍ وَهُوَ يبكي فَقَالُوا: ما الَّذِي يبكيك يرَحِمَكَ اللهُ قَالَ: قرحة يجدها الخائفون فِي قُلُوبهمْ قَالُوا: وما هي؟ قَالَ: روعة النداء بالعرض على الله عز وجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>