تقدير وتأويل. لكن مجيئه بالياء يحوج التأويل، لأن فيه خروجه من غيبة إلى حضور، على تقدير اسم فاعل من "القول" منصوب على الحال، محكيّ به النافي والمنفي وما يتعلق به. كأنه قال: انتدب الله لمن خرج في سبيله قائلاً: لا يخرجه إلا إيمان بي، والاستغناء بالمقول الغائب عن القول المحذوف - حالاً وغير حال -كثير.
ويجوز أن تكون الهاء من " في سبيله" عائدة على "من" و"لسبيله" نعت محذوف، كأنه قيل: انتدب الله لمن خرج في سبيله المرضية، التي نبه عليها بقوله:(إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا)[الفرقان: ٥٧] وبقوله: (إنا هديناه السبيل)[الإنسان: ٣]. فإن النعت يحذف كثيرًا إذا كان مفهومًا من قوة الكلام، كقوله تعالى:(إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد)[القصص: ٨٥]. أي: إلى معاد تحبه. وقوله:(وكذب به قومك)[الأنعام: ٦٦]، أي: قومك المعاندون.
ثم أضمر بعد "سبيله" قول حكى به ما بعد ذلك، لا موضع له من الإعراب. انتهى قول ابن مالك.
وتعقبه الشيخ شهاب الدبن بن المرحل بأن حذف الحال لا يجوز، والأولى أنه من باب الالتفات.
قال الزركشي: والرواية في البخاري برفع (إيمان) و (تصديق) على أنه فاعل (يخرجه)، والاستثناء مفرغ.
وقال الطيبي والكرماني: المستثنى منه أعم عام الفاعل، أي لا يخرجه مخرج إلا الإيمان والتصديق، وفي رواية مسلم والإسماعيلي:"إلا إيمانًا" بالنصب.